كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

238 قال: رأيت خيرا كثيرا.
قال، قلت: فماذا صرت إليه؟.
قال: صرت إلى خير و الحمد للّه.
قال: فقلت: هل لك من علم بسفيان بن سعيد؟ فقد كان يحبّ الخير و أهله.
قال: /فتبسّم، ثم قال: رقّاه الخير إلى درجة أهل الخير.
و ذكر العينىّ 1، فى «تاريخه» أنّ سبب علّته، أنه مرّ بآية فيها ذكر النار، فكرّرها مرارا فى ليلته، فأصبح مريضا، فوجدوه قد مات و رأسه على لبنة.
و رآه فى تلك الليلة رجل فى المنام و هو مكشوف الرّأس، فقال له: إلى أين؟.
فقال: الآن خلصت من السّجن.
فانتبه الرجل و قد ارتفع الصّراخ بموته، رضى اللّه تعالى عنه.
و رأى بعضهم أيضا فى الليلة التى مات فيها داود ملائكة و نورا، و قالوا: قد زخرفت الجنّة لقدوم داود الطائىّ.
و ممّا قيل فى داود من المدح قول بعضهم:

يا قوم ما كان فى أحوال داود
ما عاش و الله أمر غير محمود

داود من خوف ربّ العرش خالقه
قد اقتنى الدّرع لا من نسج داود

و بيته خرب ما فيه مرتقب
سوى كسيرات خبز مثل جلمود

برفض داود دنياه بأجمعها
قد ساد حقّا جميع الحمر و السّود

طوبى له من فتى شدّ الرّحال إلى
روض بهيج و طلح ثمّ منضود

رثّ الثّياب خميص البطن متّكل
على العزيز بعزّ الفوز موعود

هذا و محاسن داود تجلّ عن الإحصاء، و تتجاوز حدّ الضّبط، و فيما أوردناه منها دليل واضح على علوّ مقامه، و عظيم شانه، نفعنا اللّه ببركاته فى الدارين، و جمعنا فى مستقرّ رحمته. و أبا حنا 2 بحبوحة جنّته، بمنّه و كرمه آمين.
***

1) فى ن: «العتبى».
2) فى ن: «و إباحة».

الصفحة 238