كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

257 و عن الحسن بن زياد: كان زفر و داود الطّائىّ متواخيين، فأمّا داود فقد ترك الفقه و أقبل على العبادة، و أمّا زفر فإنّه جمع بين الفقه و العبادة.
و عن مليح بن وكيع، عن أبيه، قال: كان زفر شديد الورع، شديد الاجتهاد و العبادة، حسن الرّأى، قليل الكتاب، يحفظ ما يسمعه، و لمّا مات أبو حنيفة أقبل الناس على زفر، فما كان يأتى أبا يوسف إلاّ نفر يسير.
و عن محمد بن وهب: كان زفر أحد العشرة الأكابر، الذين دوّنوا كتب/أبى حنيفة، و كان زفر رأس حلقته.
و عن الحسن بن زياد، قال: كان المقدّم فى أصحاب أبى حنيفة فى مجلسه زفر، و كان قلوبهم إليه أميل.
و عن بشر بن القاسم: سمعت زفر يقول: لا أخلّف بعد موتى شيئا أخاف الحساب عليه.
و قوّم ما فى منزله بعد موته، فلم يبلغ ثلاثة دراهم.
و عن وكيع: لمّا احتضر زفر، رحمه اللّه تعالى، دخل عليه أبو يوسف و غيره، فقالوا: ألا توصى يا أبا الهذيل؟.
فقال: هذا المتاع الذى ترونه لهذه المرأة، و هذه الثّلاثة آلاف 1 درهم لولد أخى، و ليس لأحد علىّ شاء، و لا لى على أحد شاء.
و كان زفر يشبه وجهه وجوه 2 العجم، و لسانه لسان العرب. رحمه اللّه.
و ممّا مدح به الإمام زفر، رضى اللّه تعالى عنه، قول بعضهم 3

إنّ القياس جلا مرآته زفر
فمنكروه لما قدنا لهم زفروا 4

قوس القياس به كانت موتّرة
ما عاش فالآن لا قوس و لا وتر 5

1) كذا: «آلاف» و وجهه: «الآلاف».
2) فى ن: «وجه».
3) نقل الكوثرى، فى لمحات النظر 29، 30، الأبيات، و لم ينقل الأول لما فيه من تحريف.
4) فى النسخ: «لما قانا».
5) عجز البيت فى لمحات النظر: «ما عاش و الآن أضحت ما لها وتر».

الصفحة 257