كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

261 ثم بعد كتابة هذه الترجمة بمدّة مديدة قدمت إلى الدّيار الرّوميّة، فرأيته قد ولى قضاء العسكر بولاية روميلى 1، و قضاة ولايته و مدرّسوها و ملازموها راضون عنه، شاكرون منه، داعون له، لأنّه يعاملهم بالإنصاف، و يعطى كلّ ذى حقّ حقّه، لا تأخذه فى ذلك لومة لائم، و لا يصدّه عنه رهبة ظالم.
ثم بعد مدّة من الزمان فوّض إليه منصب الفتوى بالدّيار الرّوميّة، و سائر الممالك الإسلامية، و صار يكتب الفتاوى على الأسئلة كتابة جيدة، بعبارات رائعة فصيحة.
و كانت بدايته فى الكتابة نهاية كثير ممّن ولى هذا المنصب، لأنّ أكثرهم ما كانوا يحصّلون الرّسوخ فى الكتابة، و يسلمون من الخطأ، و سبق القلم، و المؤاخذة فى غالب فتاواهم، إلاّ بعد مدّة طويلة.
و أمّا صاحب الترجمة، فإنّ أوّل كتاباته كأواخرها، سالمة من الطّعن فيها، و المؤاخذة عليها، فحصل بولايته للعلماء و الأفاضل و الطلبة و سائر من ينتمى إلى العلم فرح كثير، و سرور زائد، و ظنّوا أنّ الزمان تنبّه لهم، و أقبل عليهم، فما مضى إلاّ مدّة يسيرة، و أصابته عين الكمال، و توفّى إلى رحمة اللّه تعالى فجأة، بدار السّلطنة السنيّة، و هو جالس على الصّفّة المتّصلة بالباب المعروف بباب همايون، الذى تدخل منه الوزراء، و قضاة العسكر، و أرباب الدولة، لعرض المهمّات على السلطان محمد خان، نصره الله تعالى، و كان المفتى المذكور ينتظر جلوس السلطان محمد خان، للسّلام عليه، /و تهنئته بالعيد، و هو عيد. . . . . . . 2.
و خلّف، رحمه الله تعالى من الأولاد الكبار، المعدودين فى جملة السّادات الأخيار، عدّة لا تحضرنى الآن أسماؤهم، و لكن أعرف منهم قدوة الأفاضل، و كنز الفواضل، قاضى القضاة بالدّيار المصريّة، يحيى أفندى 3، متّع اللّه المسلمين بطول بقائه.
كان مولده فى سنة 4 تسع و تسعين و تسعمائة 4.

1) رسمها فى ن: «روم ايلى».
2) بياض بالنسخ. و كانت وفاته سنة إحدى بعد الألف.
3) تجد ترجمته فى: خلاصة الأثر 4/ 467 - 472، نفحة الريحانة 3/ 62 - 67، هدية العارفين 2/ 532.
4 - 4) بياض فى النسخ. و استكملته من المراجع.

الصفحة 261