كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

39 ثم ورد دمشق فولى القضاء بها أيضا نحوا من عشرين سنة.
ثم نقل إلى قضاء الدّيار المصريّة، فى صفر، سنة ست و تسعين و ستمائة، بعناية المنصور لاجين، لأنّه كان يصحبه لمّا كان نائب دمشق، فاختصّ به كثيرا، فلمّا ولى السّلطنة استقدمه و ولاّه القضاء، فلم يزل إلى أن قتل لاجين.
و اتّفق أنّه قتل و هو عنده، فلمّا تسلطن النّاصر صرفه عن القضاء 1، فرجع إلى دمشق، و لم يزل بها حتى كانت وقعة التّاتار 1، فعدم فيها، قيل: إنهم أسروه، و باعوه للفرنج، فأخذوه إلى بلادهم، و عرفوا أنّه من أهل العلم بالطّبّ فصار يلاطفهم بطبّه.
و يقال: إنّه حصل له بعد أن استقرّ عندهم بقبرس 2 إسهال، و دام به حتى مات.
و قيل غير ذلك، و الله أعلم بحقيقة الحال.
و كانت وقعة التّاتار المذكورة، فى سنة تسع و تسعين و ستمائة.
و كان، رحمه الله تعالى، إماما علاّمة، كثير الفضل و الإفضال 3، كثير التّودّد إلى الناس.
أثنى عليه الشّهاب ابن فضل الله، و غيره.
و ذكره 4 الصّلاح الصّفدىّ فى «أعيان العصر، و أعوان النّصر»، و قال فى حقّه: كان مجموع الفضائل، عريّا من الرّذائل، كثير المكارم، عفيفا عن المحارم، ظاهر الرّياسة، 5 حريّا بالسّياسة 5، خليقا بالنّفاسة، يتقرّب 6 إلى الناس بالودّ، و يتجنّب الخصماء اللّدّ، فيه مروّة و حشمة، و بينه و بين المفاخر قرابة و لحمة، و له نظم و أدب، و رغبة فى إذاعة الخير و اجتهاد و طلب.
ولد بأقسراى، سنة إحدى و ثلاثين و ستمائة، و ولى قضاء ملطية أكثر من عشرين سنة.
ثم نزح إلى الشام، سنة خمس و سبعين و ستمائة، خوفا من التّاتار، و أقام بدمشق، و ولى

1 - 1) ساقط من: ط، ن، و هو فى: س.
2) هى التى تعرف الآن بقبرص. و هى جزيرة فى بحر الروم. انظر معجم البلدان 4/ 29.
3) فى ن: «الفضائل» و المثبت فى: س، ط.
4) سقطت واو العطف من: ط، ن، و هى فى: س.
5 - 5) ساقط من: ن، و هو فى: س، ط.
6) فى ن: «متقربا»، و المثبت فى: س، ط.

الصفحة 39