كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

40 قضاءها سنة سبع و سبعين و ستمائة؛ بعد القاضى صدر الدّين سليمان، و امتدّت أيّامه إلى أن تسلطن حسام الدّين لاجين، فسار إليه سنة ست و تسعين، فأقبل عليه، و ولاّه القضاء بالدّيار المصريّة، و ولّى ابنه جلال الدّين مكانه بدمشق، و بقى معظّما وافر الحرمة إلى أن قتل لاجين و هو عنده، فلمّا ضربوا السلطان بالسيف استغاث و قال: ما يحلّ. فأشاروا إليه بالسّيوف، فاختبأ هناك، و اشتغلوا عنه بالسّلطان، و لمّا زالت دولة لاجين قدم إلى دمشق على مناصبه و قضائه، و عزل ولده.
و لم يزل على حاله إلى أن خرج 1 إلى الغزاة 1، و شهد المصافّ بوادى الخازندار، فى سنة تسع و تسعين و ستمائة، فى شهر ربيع الأوّل، و كان ذلك آخر العهد به، و أصابت الرّزيّة الرّازى، و كان فى غنية عن قراءة الملاحم و المغازى.
قال الشيخ شمس الدين الذّهبىّ: و الأصحّ أنّه لم يقتل بالغزاة، و صحّ مروره مع المنهزمين، و أنّه أسر و بيع للفرنج، و أدخل إلى قبرس، هو و جمال الدّين المطروحىّ.
و قيل: إنّه تعاطى الطبّ و العلاج، و إنّه جلس يطبّ بقبرس و هو فى الأسر، و لكنّ ذلك لم يثبت.
قال-أعنى الصّفدىّ-: و قلت بناء على صحّة هذه الدّعوى:

إنّ حال الرّازىّ بين البرايا
حالة لم نجد عليها مثالا

كان قاضى القضاة شاما و مصرا
ثم فى قبرس غدا كحّالا

/ثم قال: الله أكرم و أرحم من أن يمشى أحدا من أهل العلم الشريف إلى ورا، و أن يردّه فى آخر عمره القهقرى.
قال ابن حجر: و كان الحسام ممّن قام فى الإنكار، فى قصّة الكاتب النّصرانىّ، كاتب عسّاف 2 أمير العرب، و كان نقل عنه أنّه وقع فى حقّ النبىّ صلّى الله عليه و سلّم، فقام فى أمره تقىّ الدّين ابن تيميّة، و زين الدين الفارقىّ، و عقد بسبب ذلك مجالس، و تعصّب الشمس الأعسر شادّ 3 الدّواوين للنّصرانىّ، فما وسع النّصرانىّ لمّا خشى على نفسه إلاّ أنّه

1 - 1) فى ن: «للغزاة»، و المثبت فى: س، ط.
2) فى س: «غسان»، و المثبت فى: ط، ن، و رفع الإصر 1/ 184.
3) فى س، ط: «الأغسر شاد»، و المثبت فى: ن، و رفع الإصر 1/ 185.

الصفحة 40