كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

41 أسلم فأطلق، فقال القاضى حسام الدّين فى ذلك 1:

إلى م فتور العزم يا آل أحمد
بإبقاء كلب سبّ دين محمّد

و كان إذا ما أذّن القوم سبّه
و كان لذكر القبح فيه بمرصد

بإسلامه لا يدرأ الحدّ بعد ما
تكرّر منه الشّرّ فى كلّ مورد

على مثله أهل المواهب أجمعوا
فكن ممضيا فى نحره بمهنّد

فأنتم ليوث الحرب فى كلّ معرك
و أنتم سهام الغزو فى كلّ مشهد

و هى طويلة.
و لمّا ولى قضاء الدّيار المصريّة، عوضا عن قاضى القضاة شمس الدين أبى العباس أحمد بن برهان الدين أبى إسحاق إبراهيم بن عبد الغنىّ السّروجىّ الحنفىّ، كتب له تقليد بخطّ الإمام الرئيس شهاب الدين أبى الثّناء محمود بن سليمان الحلبىّ، منه:
و بعد: فإنّ أولى من ألقيت إليه مقاليد الحكم فى الممالك، و فوّض إليه على سعة الأعمال المصريّة و الشاميّة قضاء القضاة فيما هنا و فيما هنالك، و أجريت أقلامه بالعدل و الإحسان و أشرق بمسودّ مداده كلّ 2 حال حالك، و غدقت آراء الدولة منه بمشير ما اشتبهت مسالك الصّواب فى أمر إلاّ و أوضح له 3 التّوفيق الإلهىّ تلك المسالك، و من سارت ركائب فضله فى الآفاق، و قيّدت الطلبة عنه العلوم على اختلافها فلم يختلف فى أنه هو العالم على الإطلاق، فلو أدرك عصر إمامه لكان له وارثا، و لصاحبيه فى الرّتبة ثالثا، و لشاد أفكاره للنّعمان ما لم يشده شعر زياد 4، و لاقتدى 5 به فى القياس من حادّه فى طريقته و حاد، و لو تأخّر الرّازىّ إلى عصره، لعلم أنّ اتّصافه بالفخر لكونه من مصره، مع أصالة رأى من قاس آراء قيس 6 ببعضها فقد أبطل، و شجاعة لو تقدّم عصرها لرجع عمّا قاله فى بنى أميّة الأخطل، و بلاغة قال فيها البليغ ما قاله البليد، و براعة ما عبد الرحيم 7 فى الفخر عن إدراك شأوها إلاّ كعبد الحميد.

1) الابيات فى رفع الإصر 1/ 185.
2) تكملة من: ن، لما فى: ط، و فى س: «بمسود أقلامه كل حال حالك».
3) تكملة من: س، لما فى: ط، ن.
4) يعنى النابغة الذبيانى زياد بن معاوية.
5) فى ن: «القياد»، و الصواب فى: س، ط.
6) يعنى قيس بن عاصم بن سنان المنقرى، الذى عرف بالحلم وجودة الرأى، المتوفى نحو سنة عشرين للهجرة.
7) يعنى القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على الوزير الكاتب، المتوفى سنة ست و تسعين و خمسمائة.

الصفحة 41