كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 3)
[كِتَابُ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ اللَّهِ الَّذِي غَرِقَتْ فِي بِحَوَرِ سَرْمَدِيَّتِهِ عُقُولُ الْحُكَمَاءِ وَتَرَقَّتْ فِي نُعُوتِ صَمَدِيَّتِهِ عُلُومُ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ إلَّا عَلَى الصِّفَاتِ وَالْأَسْمَاءِ (أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ فَأَقَرَّهُ فِي نِصَابِهِ الْأَسْمَى وَطَهَّرَ نَفْسَهُ مِنْ حَظِّهَا بِوَابِلِ فَضْلِهِ فَحُفِظَ عَنْ أَنْ يَضِلَّ عَنْ جَادَّةِ الطَّرِيقِ إلَى مَضَايِقِ بُنْيَانِهِ وَشِعَابِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْهَلَاكِ وَالظَّمَإِ (وَأَشْكُرُهُ) شُكْرَ مُعْتَرِفٍ بِتَرَادُفِ نِعَمِهِ مُغْتَرِفٍ مِنْ بِحَارِ كَرَمِهِ بِمَا يَحْفَظُهُ عَنْ مُهَاوِي الْحَيْرَةِ وَالْعَمَى (وَأَشْهَدُ) أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تُدِرُّ عَلَى قَائِلهَا أَخْلَافَ النَّعْمَاءِ وَتَحْفَظُهُ مِنْ إخْلَافِ أَبْلَغِ الْآدَابِ بِصَرِيحٍ أَوْ إيمَاء (وَأَشْهَدُ) أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَنَارَ اللَّهُ بِهِ دَيَاجِيرَ الظَّلْمَاء لِمَا اخْتَصَّهُ بِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَفْضَالِ وَأَوْضَحِ الْبُرْهَانِ وَأَكْمَلِ الْأَخْلَاقِ وَالسِّيمَات صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْقَائِمِينَ بِوِرَاثَتِهِ الْعُظْمَى فِي حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ وَالدِّمَاءِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اصْطِلَامِ الْآرَاءِ فِي الْعَوِيصَاتِ الدَّهْمَاء وَعَلَى تَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ الظَّاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ الْبَاقِينَ فِي هَذَا الْعَالَمِ لِإِنْقَاذِ أَهْلِهِ مِنْ الضَّلَالِ وَالْعَمَى.
(وَبَعْدُ) فَإِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ زَادَهَا اللَّهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا السَّيِّدُ الْجَلِيلُ الشَّرِيفُ الْمُعْتَقَدِ الْمَثِيلِ مُحَمَّدٌ الْعَيْدَرُوس الْحَسَنِيُّ الْعَلَوِيُّ الْحَضْرَمِيُّ ثُمَّ الْعَدَنِيُّ فَتَوَجَّهْنَا لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ وَطَلَبِ دُعَائِهِ وَمَدَدِهِ أَنَا وَصَاحِبُنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ وَالْحَبْرُ الْهُمَامُ الْحُجَّةُ الْقُدْوَةُ الْفَهَّامَةُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الزَّمْزَمِيُّ أَدَامَ اللَّهُ بِهِ النَّفْعَ الْعَامَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَتَّعَهُمْ بِعُلُومِهِ وَفَتَاوِيهِ لَا سِيَّمَا أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ فَقَرَأَ عَلَيْنَا سُؤَالًا وَجَوَابًا فِي تَبَرُّعِ الْمَدِينِ لِصَاحِبِنَا الْإِمَامِ الْعَالَمِ الْعَامِلِ وَالْهُمَامِ الْحُجَّةِ الْقُدْوَةِ الْكَامِلِ وَجِيهِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن زِيَادٍ مُفْتِي زَبِيدَ الْمَحْرُوسَةِ بَلْ وَالْيَمَنِ بِأَسْرِهِ أَدَامَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ هَوَاطِلَ جُودِهِ وَبِرِّهِ ثُمَّ سَأَلَنَا أَأَنْتُمْ مُوَافِقُونَ لِهَذَا الْإِفْتَاءِ فَكُلٌّ مِنَّا بَادَرَ إلَى إنْكَارِهِ وَاسْتِبْعَادِهِ أَدَاءً لِلْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى
الصفحة 2
378