كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 3)
مَرْدُودَةً كَمَا مَرَّ.
وَقَوْلُهُ عَنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ الَّذِي قَدَّمْتُهُ فِي الثَّانِيَةِ عَشَرَ إنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَعْجَبْ الْعَجَبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فَإِنْ قُلْتَ نَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ قُلْت:
قَدَّمْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فَرَاجِعْهُ وَأَمْعِنْ النَّظَرَ فِي جَمِيعِ هَذَا الْكِتَابِ وَمُقَابِلِهِ لِتَعْلَمَ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْبَاطِلِ وَالْقَوْلَ الْجَلِيّ مِنْ الْقَوْلِ الْحَائِرِ الْمَائِلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُنَا أَجْمَعِينَ لِمَرْضَاتِهِ وَيُدِرُّ عَلَيْنَا أَخْلَافَ نِعَمِهِ وَهِبَاتِهِ وَيَجْعَلُنَا مِنْ إخْوَانِ الصَّفَا الَّذِينَ هُمْ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلُونَ وَبِالْحَقِّ عَامِلُونَ وَإِلَيْهِ مُسَارِعُونَ وَعَنْ دَاءِ اللَّجَاجِ وَالتَّعَصُّبِ يَتَنَزَّهُونَ إنَّهُ الْمَنَّان بِكَرَمِهِ الْمُتَفَضِّلُ بِنِعَمِهِ فَإِلَيْهِ مَفْزَعُنَا فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلِ يَا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِك وَعَظِيمِ سُلْطَانِك عَدَد مَعْلُومَاتِكَ وَمِدَادَ كَلِمَاتِك كُلَّمَا ذَكَرَك الذَّاكِرُونَ أَبَدًا دَائِمًا بِدَوَامِك أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ أَفْضَلَ صَلَاةٍ وَأَنْ تُسَلِّمَ أَفْضَلَ سَلَامٍ وَأَنْ تُبَارِكْ أَفْضَلَ بَرَكَةٍ عَلَى أَفْضَلِ خَلْقِك سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ عَدَدَ مَعْلُومَاتِك وَأَنْ تَخْتِمَ لَنَا أَجْمَعِينَ بِالْحُسْنَى بِمَنِّك وَكَرَمِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرَحِمَهُ فَرَغَتْ مِنْهُ وَقْت صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَامِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَةٍ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلِ.
[كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ]
هَذَا كِتَابُ الذَّيْلِ الْمُسَمَّى بِكَشْفِ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ تَمِّمْ بِالْخَيْرِ (أَمَّا بَعْدَ) حَمْدِ اللَّهِ عَلَى آلَائِهِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى وَاسِطَةِ عِقْدِ أَوْلِيَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِ حُمَاةِ دَيْنِ اللَّهِ مِنْ سَفَاسِفِ كُلِّ جَاهِلٍ عَنِيدٍ وَغَوَائِلِ إغْوَائِهِ فَهَذَا كِتَابٌ لَقَّبْته كَشْفَ الْغَيْنِ عَمَّنْ ضَلَّ عَنْ مَحَاسِنِ قُرَّةِ الْعَيْنِ دَعَانِي إلَيْهِ أَنِّي لَمَّا فَرَغْت مِنْ كِتَابِيّ قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ الَّذِي أَلَّفْته جَوَابًا عَنْ إفْتَاءٍ وَتَأْلِيفٍ فِي بُطْلَانِهِ لِمُفْتِي زَبِيدٍ الْقَائِلِ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدِ مِنْ عُلَمَائِهَا أَنَّهُ عَنِيدٌ وَأَيُّ عَنِيدٍ انْتَشَرَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ فَكَتَبَهُ الْمِصْرِيُّونَ وَالْيَمَانِيُّونَ فَلَمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْإِفْتَاءِ وَالتَّأْلِيفِ كَرَّرَ غَلَطَهُ الْمُشْتَمِلَ عَلَى كَثِيرِ هَذْرٍ وَهَذَيَان وَسَفَاهَةٍ وَطُغْيَانٍ وَقَبَائِحَ تُصَمُّ عَنْهَا الْآذَانُ وَفَضَائِحَ لَا يَصْدُرُ مِثْلُهَا إلَّا مِمَّنْ مَانَّ وَخَانَ وَوَصَمَاتٍ يَبْقَى عَارُهَا أَبَدَ الْآبِدِينَ وَصَدَمَاتٍ ظَنَّ أَنْ لَا يَتَيَقَّظَ لَهَا أَحَدٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَوَّدَ الصَّحِيفَةَ وَأَوْجَبَ النَّارَ وَالْكَشِيفَةَ فِي عِدَّةِ تَصَانِيفَ فِي صُورَةِ تَأْلِيفِ يُرْسِلُهَا إلَى مَكَّةَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَالْكَرَّةَ بَعْدَ الْكَرَّةِ حَتَّى أَوْجَبَ ذَلِكَ لِبَعْضِ فُضَلَاءِ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّهُ رَفَعَ الْأَمْرَ لِعُلَمَاءِ بَلَدِهِ فَكُلُّهُمْ أَطْبَقُوا أَنَّهُ خَالَفَ الصَّوَابَ وَالْمَنْقُولَ وَسَلَكَ مَسَالِكَ الْعِنَادَ وَالتَّعَسُّفِ الْغَيْرِ الْمَنْقُولِ
ثُمَّ أَرْسَلَ خُطُوطَهُمْ لِمَكَّةَ فَأَحْصَوْا بِضْعًا وَسَبْعِينَ نَفْسًا وَوَافَقَهُمْ الْمَكِّيُّونَ أَيْضًا مُشِيرِينَ كُلُّهُمْ إلَى أَنَّ مَا رَقَمَهُ حَقِيقٌ بِأَنْ يُنْبَذَ وَرَاءَ الظَّهْرِ وَلَا يُسَامَ بِثَمَنٍ وَلَا مَهْرٍ وَلِمَ لَا وَلَمْ يُمَنَّ بِقِرَاعِ الْأَبْطَالِ الْمَيَامِينِ وَلَمْ يُدْفَعْ إلَى جَدَلٍ مِمَّا يَعْرُكُ عَرْكَ الْأَدِيم وَلَمْ يُرْزَقْ أَرَيْبًا وَلَا نَاصِحًا لَبِيبًا يَصُدُّهُ عَنْ التَّهَوُّر وَالْبُهْتَانِ وَالتَّقَوُّلِ وَالشَّنَاعَةِ وَالْعُدْوَانِ فَلْيَأْخُذْ مَا يَأْتِيه مِنْ وَضَائِحِ الرَّدِّ وَحَقَائِقِ الْحَقِّ وَالنَّقْدِ لَا لِتَنْقِيصِ ذَاتِهِ بَلْ لِرَدِّ قَوْلِهِ وَهُنَيْهَاتِهِ امْتِثَالًا لِمَا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنْ الْمِيثَاقِ وَتَعْوِيلًا عَلَى مَا يُسَلِّمهُ تَالِد مِنْ خُلُوِّ قُلُوبِنَا عَنْ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالنِّفَاقِ وَإِنَّمَا اضْطَرَّنَا إلَى ذَلِكَ خَوْفُ اغْتِرَارِ الْعَوَامّ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ السَّقَطَاتِ وَالْأَوْهَامِ مِمَّا قَدْ يَسْتَزِلُّ الضُّعَفَاءَ الْقَاصِرِينَ وَلَمْ يَجْرِ عَلَى سَنَنِ الْمُحَصِّلِينَ فَضْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ فَشَرَعْتُ فِي بَيَانِ مَا فِيهَا مِمَّا لَا يُدْرِكُ الْقَاصِرُونَ مَا فِي مَطَاوِيهَا مُسْتَعِيذًا بِاَللَّهِ مِنْ الْخَطَإِ وَالْخَطَلِ وَمُسْتَعْفِيًا مِنْ الْعِثَارِ وَالزَّلَلِ وَمُسْتَعِينًا بِهِ وَمُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ وَمَادًّا أَكُفَّ الضَّرَاعَةِ إلَيْهِ وَأَنْ يُصْلِحَ جَمِيعَ أَحْوَالِي وَأَحْوَالِهِ وَأَنْ يُطَهِّرَهَا مِنْ حُظُوظِ نُفُوسِنَا فِي أَقْوَالِ كُلٍّ وَأَفْعَالِهِ وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا فِي الْمُبَاحَثَاتِ الْعِلْمِيَّةِ بِسَدَدِهِ مِمَّا جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا كَانَا يَتَنَازَعَانِ فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ حَتَّى يُقَالَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُخَاطِبُ صَاحِبَهُ بَعْدُ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمَانِ ثُمَّ لَا يَقُومَانِ مِنْ مَجْلِسِهِمَا إلَّا وَهُمَا عَلَى غَايَةٍ مِنْ الصَّفَاءِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْوَفَاءِ
الصفحة 26
378