كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 3)

مَا وُصِفَتْ بِهِ. اهـ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِنَّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَيَجْعَلُ نِسَاءً ثِقَاتٍ يُشْرِفْنَ عَلَيْهِنَّ فَإِنْ غَزَلْنَ وَاسْتَغْزَلْنَ وَنَسَجْنَ وَاسْتَنْسَجْنَ سُلِّمَ الْمَالُ إلَيْهِنَّ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَخْصِيصِ الشَّهَادَةِ بِالْمَحَارِمِ وَهَذَا مَوْضِعُ بَيَانهِ وَلَوْ كَانَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُشِيرُ إلَيْهِ لَبَيَّنْتُهُ وَإِنَّمَا تُعَرَّضَ الشَّافِعِيُّ لِلطَّرِيقِ الْغَالِبِ فِي الِاخْتِبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَتُخْتَبَرُ بِأَنْ يُعَامِلَهَا مَحَارِمُهَا وَالنِّسْوَانُ وَتُؤْمَرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْقُطْنِ وَالْغَزْلِ إلَخْ.
وَقَالَ فِي الْحَاوِي وَاخْتِبَارُهَا فِي رُشْدِهَا أَصْعَبُ مِنْ اخْتِبَارِ الْغُلَامِ لِأَنَّ أَظْهَرُ وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى اخْتِبَارَهَا ذَوُو مَحَارِمهَا وَنِسَاءُ أَهْلِهَا بِخِلَافِ الْغُلَامِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ اخْتِبَارُهُ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَحَالُ النِّسَاءِ أَيْضًا مُخْتَلِفٌ فِي الْبُرُوزِ وَالتَّحْصِينِ فَيَدْفَعُ إلَيْهَا مِنْ مَالِهَا مَا تَتَوَلَّى إنْفَاقَهُ عَلَى نَفْسِهَا فِي تَدْبِيرِ خَدَمهَا إلَخْ وَصَرَّحَ هُوَ وَالْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْق فِيمَا ذَكَرَهُ بَيْنَ أَنْ تُزَوَّجَ أَوَّلًا قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَيَخْتَبِرُهُ الْوَلِيُّ اخْتِبَارَ مِثْلِهِ مِنْ تِجَارَةٍ إنْ كَانَ تَاجِرًا أَوْ بَنَّاءً إنْ كَانَ بَانِيًا أَوْ إصْلَاحِ أَمْرِ الْبَيْتِ إنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَقَدْ صَرَّحَ بِاخْتِبَارِ الْوَلِيِّ الْمَرْأَةَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِيَّةِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ مَاتَ بِمَحَلٍّ لَا حَاكِمَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مَالٌ وَعِيَالٌ صِغَارٌ فَمَنْ الْقَيِّمُ عَلَيْهِمْ وَمَنْ يَتَوَلَّى قَضَاءَ دُيُونِهِ وَنَحْوِهَا وَمَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ عَمَّ الْفِسْقُ أَهْلَ الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ؟
(فَأَجَابَ) أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ عِنْدَهُ يَتِيمٌ لَهُ مَالٌ لَوْ سَلَّمَهُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَافَ ضَيَاعَهُ وَلَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا وَصِيٍّ شَرْعًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ كَصَاحِبِ التَّعْجِيزِ قِيَاسًا عَلَى أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَاظِرٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِصُلَحَاءِ الْمَوْضِعِ صَرْفُهَا فِي مَصَارِفِهَا ثُمَّ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيَجُوزُ لَهُ مُخَالَطَتُهُ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ بِمَا هُوَ تَخْرِيجٌ لَهُ وَتَدْرِيجٌ قَاصِدًا مَصْلَحَتَهُ وَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَا يُعَدُّ لِمِثْلِهِ أُجْرَةً وَمَا سِوَاهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَعِبَارَةُ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لِلطِّفْلِ وَلِيٌّ أَوْ وُجِدَ حَاكِمٌ جَائِرٌ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّظَرُ فِي مَالِهِ وَحِفْظُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ لِلْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا تَعْلِيمُ الصَّبِيِّ وَتَأْدِيبُهُ وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وِصَايَةٌ.

وَسُئِلَ الْجَمَالُ بْنُ ظَهِيرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا فَسَدَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ وَلَمْ تُوجَدْ الْعَدَالَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَإِذَا بَطَلَتْ وِلَايَتُهُمْ تَعَطَّلَتْ أَحْوَالُ الْأَيْتَامِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحْتَاطُ وَيَنْظُرُ أَقْرَبَهُمْ إلَى الْعَدَالَةِ إذَا فُقِدَتْ شُرُوطُهَا أَوْ بَعْضُهَا مِنْهُمْ وَأَقْرَبُهُمْ إلَى الْأَمَانَةِ وَأَقُلْهُمْ تَعَاطِيًا لِمَا يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ فَيُقَامُ عَلَى الْأَيْتَامِ وَيُوصِي إلَيْهِ مَنْ لَهُ الْإِيصَاءُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَالْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ إذْ لَا يُسْتَغْنَى عَمَّنْ يَقُومُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُور.

وَسُئِلَ أَبُو شُكَيْلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا لَمْ يَثِقْ الْحَاكِمُ بِأَحَدٍ فِي تَسْلِيمِ نَفَقَةِ الطِّفْلِ إلَيْهِمْ إلَّا أُمَّهُ لِكَوْنِهَا أَشْفَق لَكِنَّهَا لَا تُصَلِّي مَعَ عُمُومِ الْفِسْقِ فِي غَيْرِهَا حَتَّى الْحَاكِم هَلْ فِي التَّسْلِيمِ إلَيْهَا رُخْصَةٌ لِعَدَمِ عَدْلٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَسُوغَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ إذْ لَا غِنَى عَمَّنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ هَذَا الْيَتِيمِ وَإِذَا تَوَقَّفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى طَلَبِ الْعَدْلِ ضَاعَ. اهـ. وَبِهَذَا كُلِّهِ إنْ سَلِمَ يُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَاتِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا حَالَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُقْبَلُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْقِصَاصِ وَغَيْره سَمَاعُ الدَّعْوَى وَتَصْدِيقُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ إذَا ادَّعَى حَجْرَ السَّفَهِ الْمُقَارِنِ لِلْبُلُوغِ وَلَمْ تَتَوَفَّرْ قَرَائِنُ الْحَالِ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْوَسِيطِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِأَنَّ حَجْرَهُ حَجْر السَّفَهِ مَثَلًا فَإِنْ أَطْلَقَ الْحَجْرَ اسْتَفْصَلَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَذْكُرَ حَجْرًا مُسْتَدَامًا مِنْ الصِّبَا أَوْ طَارِئًا كَحَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فَفِي الْأَوَّلِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ إلَى الْبَيْعِ وَفِي الثَّانِي الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِعْته وَأَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ أَيْ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَعْهَدْ لِلْبَائِعِ مَا ادَّعَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي

الصفحة 49