كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 3)

الصَّادِرِ مِنْ حُرٍّ أَوْ قِنٍّ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِأَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَا أَكْمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً فَتُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْكُفْرِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ حَمْلِ مُصْحَفٍ إلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْهُ وَرُجِيَ إسْلَامُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَا يُزَكَّى عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَمَنْ أَفْتَى مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَقَدْ وَهِمَ وَلَا يُزَوَّجُ إنْ كَانَ امْرَأَةً لِمُسْلِمٍ إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهَا شُرُوطُ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ إلَّا مِنْ مَالِكٍ وَهَذَا مَتَى مَلَكَهُ عَتِّقْ عَلَيْهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ وَلِيِّ يَتِيمٍ بِيَدِهِ مَالٌ لِلْيَتِيمِ وَالْوَلِيُّ وَالْمَالُ بِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي بِهَا الْيَتِيمُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُسَافِرَةُ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ فِي الْبَحْرِ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ مِنْهَا لَوْ تَرَكَ الْمَالَ فِيهَا أَمْ لَا فَقَدْ سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بَاقْضَامْ مُفْتِي عَدَنَ عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ إنَّ السَّفَرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ فِي الْبَحْرِ لَا يَجُوزُ فَلَوْ كَانَ الْيَتِيمُ بِبَلَدٍ وَمَالُهُ بِآخَرَ وَلَا طَرِيقَ آمِنٌ إلَّا الْبَحْرَ وَالْيَتِيمُ مُحْتَاجٌ مَالَهُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي نَقْلِ مَالِ الْيَتِيمِ فِي الْبَحْرِ لِيُوَصِّلَهُ إلَيْهِ فِي بَلَدِ الْيَتِيمِ وَهَلْ يَجُوزُ نَقْلُ مَالِ الْيَتِيمِ هَذَا فِي الْبَحْرِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهَا مِنْ ظَالِمٍ وَيُقَالُ بِجَوَازِ إرْكَابِهِ الْبَحْرَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَوْ يَمْتَنِعُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْإِقْرَاضُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ السَّفَرُ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ إذَا اقْتَرَضَ مِنْ وَلِيِّ الْيَتِيمِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ مِنْ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ إذَا كَانَ سَفَرُهُ إلَى بَلَدِ الْيَتِيمِ لِيُوَفِّيَ الْوَلِيَّ مَالَ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى رُكُوبِهِ فِي الْبَحْرَ جَازَ إذْ الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ.
وَأَمَّا قَرْضُهُ مِنْ مَلِيءٍ ثِقَةٍ فَجَائِزٌ لِلْقَاضِي مُطْلَقًا وَأَمَّا غَيْرُ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الصَّبِيِّ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَالسَّفَرِ وَالنَّهْبِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِلْمُقْتَرَضِ الْمُسَافِرَةُ إلَى بَلَدِ الْيَتِيمِ لِيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَرْضِ ثُمَّ قَالَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُسَافَرَةُ بِمَالِ فِي الْبَحْرِ آمَنُ مِنْ بَقَائِهِ فِي بَلَدِ الْمَالِ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُسَافَرَةُ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا أَرْهَقَتْ الْحَاجَةُ إلَى شِرَاءِ مَا لَا بُدَّ لِلْيَتِيمِ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ جَازَ لِلْوَلِيِّ شِرَاؤُهُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِذَا جَازَ لِلْوَلِيِّ مَعَ تَحْقِيقِ الزَّائِدِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ فَالْمُسَافَرَةُ بِهِ فِي الْبَحْرِ مَعَ نُدْرَةِ خَوْفِ الْفَوَاتِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
جَوَابُهُ فَهَلْ مَسْأَلَتنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَوْ لَا وَهَلْ مَا قَالَهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا أَفْتُونَا جَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْرًا فَالْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةٌ وَإِلَيْكُمْ أَحْكَامُهَا رَاجِعَةً لَا عَدِمَكُمْ الْمُسْلِمُونَ.
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ مَعْنَى قَوْلِ الْفَقِيهِ الْمُجِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَشَكَرَ سَعْيَهُ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى رُكُوبِهِ فِي الْبَحْرِ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَرِّ طَرِيقٌ آمِنَةٌ يُسَافِرُ بِهِ فِيهَا وَتَعَذَّرَ إبْقَاؤُهُ فِي الْبَلَدِ لِخَوْفِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَاضْطَرَّ الْيَتِيمُ إلَى مَجِيءِ مَالِهِ إلَيْهِ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ السَّفَرِ حِينَئِذٍ فِي الْبَحْرِ الَّذِي تَغْلِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ فِي بَابَيْ الْإِيصَاءِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ تَغْيِيبُ مَالِ الْمَوْلَى إذَا سَلِمَ بِهِ مِنْ نَحْوِ ظَالِمٍ وَكَذَا إعْطَاءُ بَعْضِهِ لَهُ لِسَلَامَةِ بَاقِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورَاتِ الَّتِي تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَرُّ آمِنًا فَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ بِهِ فِي الْبَحْرِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَصْرُوفُ الْبَحْرِ أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ بِهِ حِينَئِذٍ وَكَذَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ إبْقَاؤُهُ فِي الْبَلَدِ لِوُجُودِ أَمِينٍ بِهَا حَيْثُ لَا قَاضِي أَمِينًا بِهَا يَكُونُ عِنْدَهُ وَتَرَقُّبُ خَوْفٍ عَلَيْهِ بِفَرْضِ مَوْتِ الْأَمِينِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ لِأَنَّا لَا نَنْظُرُ لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّوَهُّمَاتِ سِيَّمَا وَالْخَوْفُ فِي الْبَحْرِ مَوْجُودٌ حَالًا وَفِي الْإِيدَاعِ لِلْأَمِينِ مَوْجُودٌ مَآلًا وَالْخَوْفُ الْحَالِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَآلِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَكَذَا إذَا تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهُ فِي الْبَلَدِ وَلَمْ يَضْطَرَّ الْيَتِيمُ لِإِحْضَارِهِ لِبَلَدِهِ وَوُجِدَ مُوسِرٌ ثِقَةٌ يَقْتَرِضُهُ بِشَرْطِهِ لِانْتِقَاءِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ إلَى السَّفَرِ بِهِ فِي الْبَحْرِ هُنَا أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُقْتَرِضٌ كَذَلِكَ أَوْ وُجِدَ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَاضُهُ.
وَخِيفَ عَلَيْهِ فِي الْبَرِّ وَخِيفَ عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْبَلَدِ فَقَدْ تَعَارَضَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَخُوفَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ خَوْفُ الْبَحْرِ وَخَوْفُ الْبَرِّ وَخَوْفُ الْإِبْقَاءِ فِي الْبَلَدِ فَإِنَّ زَادَ خَوْفُ الْبَلَدِ وَالْبَرِّ عَلَى خَوْفِ الْبَحْرِ فَإِنْ كَانَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنْهَا فِيهِمَا وَكَانَ الْخَوْفُ

الصفحة 51