كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى (اسم الجزء: 3)
بِقَدْرِهَا مِنْ الْأَلْفِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَمُعْتَاضًا لِبَاقِيهَا بِبَاقِي تِلْكَ قُلْت هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَا فِي التِّسْعَةِ الْآلَافِ مِنْ الْفِضَّةِ السُّلَيْمَانِيَّة دُونَ الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُفَضِّلُ شَيْئًا يُقَابِلُ بِهِ الْبَاقِيَ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ أَكْثَرُ تَعَذَّرَ كَوْنُ الْأَقَلِّ عِوَضًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ عِوَضًا عَنْ جَمِيعِ التِّسْعَةِ الْآلَافِ فَلَمْ يُمْكِنْ حِينَئِذٍ إلَّا الْقَوْلُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ حِينَئِذٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى مُقَابَلَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ بِالسُّلَيْمَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَمُقَابَلَةُ السُّلَيْمَانِيَّة بِالسُّلَيْمَانِيَّةِ لَهُ حُكْمٌ وَمُقَابَلَتُهَا بِغَيْرِهَا لَهُ حُكْمٌ إذْ الْأَوَّلُ مِنْ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَلَّ وَالثَّانِي مِنْ صُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ
وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَجَبَ رِعَايَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ هُنَا إلَّا بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّا نَنْسِبُ مَا فِي التِّسْعَةِ الْآلَاف مِنْ السُّلَيْمَانِيَّة إلَيْهَا وَنَأْخُذُ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ السُّلَيْمَانِيَّة الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا وَنَجْعَلُهُ صُلْحَ حَطِيطَةٍ وَنُدِيرُ عَلَيْهِ أَحْكَامَ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ السُّلَيْمَانِيَّة الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا عِوَضًا عَنْ بَقِيَّةِ التِّسْعَةِ الْآلَافِ فَيَكُونُ صُلْحَ مُعَاوَضَةٍ وَيُدَارُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ السَّابِقَةُ فَإِنْ قُلْت فَلَوْ كَانَ بَعْضُ التِّسْعَةِ بَاقِيًا وَبَعْضُهَا تَالِفًا مَا حُكْمُهُ قُلْت الَّذِي يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ نَنْسُبُ التَّالِفَ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ النِّصْفَ مَثَلًا بَطَلَ الصُّلْحُ فِي نِصْفِ الْأَلْفِ وَالْخَمْسمِائَةِ وَبَقِيَ الصُّلْحُ وَاقِعًا بِنِصْفِ الْأَلْفِ وَالْخَمْسمِائَةِ عَنْ النِّصْفِ التَّالِفِ مِنْ التِّسْعَةِ آلَافٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا التَّالِفِ شَيْءٌ مِنْ السُّلَيْمَانِيَّة فَهُوَ صُلْحُ مُعَاوَضَةٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ وَضَمِنَ شَخْصُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ وَالْخَمْسمِائَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا صَحَّ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ دَيْنٌ ثَابِتٌ لَازِمٌ مَعْلُومٌ وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ عَلَى بَعْضِهَا صَحَّ ضَمَانُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِهِ فِي جَمِيعِهَا لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ لَهُ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ خَمْسُونَ دِينَارًا وَأَلْفُ دِرْهَمٍ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِلْأَلْفِ وَمُعْتَاضًا عَنْ الْخَمْسِينَ الْأَلْفِ الْأُخْرَى ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصُّلْحِ وَقِيَاسُ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ الْبُطْلَانُ فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَاهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ؛ لِأَنَّ أَلْفًا مِمَّا صَالَحَ بِهِ مُمَاثِلَةٌ لِلْأَلْفِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَعْلُهَا فِي مُقَابَلَتِهَا بَيْعًا بَلْ ذَلِكَ هُوَ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَالْأَلْفُ الْأُخْرَى تَعَيَّنَتْ مُعَاوَضَةً عَنْ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِهَا وَحِينَئِذٍ فَعَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى شُرُوطِ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَة؛ لِأَنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فَلِذَا صَحَّحَ الشَّيْخَانِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ الْجِدَارِ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ بَابٌ هَلْ يُرَجَّحُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قِيَاسُ عَدَمِ التَّرْجِيح بِالْجُذُوعِ عَدَمُهُ بِالْبَابِ أَيْضًا
(وَسُئِلَ) عَنْ شَجَرَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ مَنَعَتْ النَّاسَ مِنْ الْمَمَرِّ تَحْتَهَا رُكْبَانًا وَلَمْ يُعْلَمْ أَسَبَقَتْ الطَّرِيقَ أَمْ لَا فَهَلْ يُقْطَعُ الْمَانِعُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُقْطَعُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ فِي الصُّلْحِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ فَتَحَ فِي مِلْكِهِ طَاقَاتٍ تُشْرِفُ عَلَى جَمِيعِ جِيرَانِهِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِسَدِّهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يُؤْمَرُ بِسَدِّهَا بَلْ بِعَدَمِ الِاطِّلَاع مِنْ الْكُوَّاتِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ لَهُ دَارَانِ فِي أَحَدهمَا شَجَرَةٌ فَتَدَلَّتْ أَغْصَانُهَا إلَى الْأُخْرَى فَاشْتَرَطَ شَخْصٌ الَّتِي فِيهَا الْأَغْصَانُ ثُمَّ زَادَ انْتِشَارُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُكَلَّفُ قَطْعَهَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْمَوْجُودِ وَلَا يُقَالُ شِرَاؤُهُ لِذَلِكَ إقْدَامٌ مِنْهُ عَلَى نُمُوِّهِ؛ لِأَنَّ نُمُوَّهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بَلْ لَوْ قَالَ رَضِيت بِمَا يَمْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بَلْ لَوْ صَالَحَ عَلَى إبْقَائِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ هَوَاءٍ بِلَا أَصْلٍ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ اشْتَرَى مَرِيضًا عَالِمًا بِمَرَضِهِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا خِيَارِ لَهُ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِمَرَضِهِ رِضًا مِنْهُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ قُلْتُ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَرَضِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى الرِّضَا بِتَلَفِ الْمَبِيعِ مِنْ أَصْلِهِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مُنْضَبِطٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَالرِّضَا بِهِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَكُنْ الرِّضَا بِهِ مُسْتَلْزِمًا لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى نَظِيرِ مَا ذَكَرْته.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ إذَا كَانَ بَيْنَ شَخْصٍ وَجَمَاعَةٍ
الصفحة 62
378