كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
2 - ما روته عائشة: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة" (¬1).Rأولًا: يمكن القول: إن الإجماع قد تحقق في صحة إنكاح الأب ابنته إذا كانت دون تسع سنين.
ثانيًا: لا يقال بأن الإجماع قد تحقق في البنت التي تزيد عن تسع سنين؛ لخلاف الإمام أحمد في رواية عنه أنه لا جبر عليها.
ثالثًا: أما خلاف ابن شبرمة، والأصم في منع تزويج البنت الصغيرة قبل البلوغ؛ فلا يعتد به لما يأتي:
1 - لما قال اللَّه تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، دل على ثبوت العدة للصغيرة، وهذا متصور في اعتبار نكاحها شرعًا (¬2).
2 - من ادعى أن ذلك مخصوص بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يلتفت إلى قوله؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فكل ما فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- فلنا أن نتأسى به ما لم يأتِ نص يبين أنه له خاصة (¬3).
3 - تزوج عمر -رضي اللَّه عنه- أم كلثوم بنت علي -رضي اللَّه عنه-، وهي صغيرة، وتزوج قدامة بن مظعون بنت الزبير يوم ولدت، مع علم الصحابة بذلك؛ فهذا دليل على فهمهم عدم الخصوصية للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في نكاحه عائشة، وهي صغيرة (¬4).
4 - ما نقل من فعل الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في تزوج الصغيرات دال على أن قول ابن شبرمة ومن وافقه مخالف لإجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم-؛ حيث لم يثبت عنهم خلاف في ذلك (¬5).
[11 - 31] إذن الثيب والبكر في النكاح:
الثيب إذنها في النكاح أن تنطق به، والبكر إذنها أن تسكت، فإن صدر الإذن من الثيب، أو البكر بهذه الصفة، فهو الإذن المعتبر شرعًا، ونُقل اتفاق أهل العلم على
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي (1111) (2/ 358). قال الألباني: هذا حديث معلق، علقه البيهقي، ولم أقف على إسناده. انظر: "إرواء الغليل" (6/ 228).
(¬2) "فتح القدير" (3/ 274).
(¬3) "المحلى" (9/ 40).
(¬4) "فتح القدير" (3/ 274).
(¬5) "بدائع الصنائع" (3/ 355).