كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)

• ثانيًا: من السنة:
1 - عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس للولي مع الثيب أمر" (¬1).
2 - وعنه -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأيم أحق بنفسها من وليها" (¬2).
• وجه الاستدلال من الحديثين: الأيم هنا هي المرأة التي لا زوج لها، وقد قطع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولاية الولي عنها. وفي هذين الحديثين أيضًا إثبات حق الولي في مباشرته عقد النكاح برضاها، وقد جعلها أحق منه؛ ولن تكون أحق منه إلا إذا زوجت نفسها بغير رضاه (¬3).
3 - ما روي عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها زوجت بنت أخيها عبد الرحمن، المنذرَ بن الزبير (¬4).
• ثالثًا: من المعقول:
1 - أن المرأة لما بلغت عن عقل وحرية، فقد صارت ولية نفسها في النكاح، فلا يبقى أحد مولّيًا عليها، كالصبي إذا بلغ، والجامع بينهما: أن ولاية النكاح على الصبي تثبت للأب بطريق النيابة حتى يبلغ، فإذا بلغ زالت الولاية، فكذا هي (¬5).
2 - أن الحرية منافية لولاية الحُر على الحر؛ وثبوت الشيء مع المنافي لا يكون إلا بطريق الضرورة؛ ولهذا المعنى زالت ولاية النكاح عن الصغير العاقل إذا بلغ، وتثبت
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (2100) (2/ 233)، والنسائي (3263) (6/ 63).
قال ابن حجر: ورواته ثقات. انظر: "التلخيص الحبير" (3/ 161).
(¬2) أخرجه مسلم (1421) "شرح النووي" (9/ 172).
(¬3) "بدائع الصنائع" (3/ 373)، و"البحر الرائق" (3/ 117).
(¬4) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص 436).
قال مالك: عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه؛ أن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زوجت حفصة بنت عبد الرحمن، المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن غائب بالشام، فلما قدم عبد الرحمن قال: ومثلي يصنع هذا به؟ ومثلي يفتات عليه؟ فكلمت عائشة المنذر بن الزبير، فقال المنذر: فإن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمرًا قضيتيه. فقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن ذلك طلاقًا.
وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (7/ 112). وقال: أُريد به أنها مهدت تزويجها، ثم تولى عقد النكاح غيرها، فأُضيف التزويج إليها؛ لإذنها في ذلك، وتمهيدها أسبابه.
(¬5) "بدائع الصنائع" (3/ 373).

الصفحة 154