كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
أدلة هذا القول:
1 - أن الإجماع لا يكون إلا عن توقيف، والصحابة -رضي اللَّه عنهم- الذين شهدوا التوقيف (¬1).
2 - سعة أقطار الأرض، وكثرة العدد من المجتهدين وتفرقهم في الأمصار، بحيث لا يمكن ضبط أقوالهم، ومن ادعى ذلك فلا يخفى كذبه (¬2).
القول الثالث: ذهب النظّام (¬3) من المعتزلة، والخوارج، والشيعة إلى أن الإجماع ليس حجة (¬4).
• قال النظّام: الإجماع كل قول قامت حجته، حتى قول الواحد (¬5). هذا تعريف الإجماع عنده، ويقصد بذلك الجمع بين إنكاره كون اتفاق المجتهدين حجة، وبين موافقته للعلماء في تحريم مخالفة الإجماع (¬6).
• أما الخوارج: فكان إجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- حجة عندهم قبل حدوث الفرقة بينهم، وأما بعدها فلا حجة في قولهم، بل الحجة في قول طائفة منهم فقط؛ لأن العبرة بقول المؤمنين، ولا مؤمن عندهم إلا من كان على مذهبهم (¬7).
¬__________
= و"شرح مختصر الروضة" (3/ 47).
(¬1) "الإحكام" لابن حزم (4/ 539)، و"إرشاد الفحول" (ص 149).
(¬2) "الإحكام" لابن حزم (4/ 539)، و"إرشاد الفحول" (ص 149).
نقل ابن القيم عن الإمام أحمد ما يلي: (قال عبد اللَّه ابن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: ما يدّعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، ما يدريه، ولم ينتهِ إليه؟ فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا). قال ابن القيم معقبًا على هذا القول: الذي أنكره الإمام أحمد هو تقديم الإجماع المتوهم على النصوص، وليس كما يظن بعض الناس أنه استبعاد لوجود الإجماع. انظر: "إعلام الموقعين" (1/ 34).
(¬3) هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار، من أئمة المعتزلة، كان شاعرًا أديبًا متكلمًا تبحر في علوم الفلسفة، وانفرد بآراءٍ خاصة تابعته فيها فرقة من المعتزلة نسبت إليه، أُلفت كتب في الرد عليه، فيها تكفير له وتضليل، توفي سنة (231 هـ). انظر في ترجمته: "الفهرست" (ص 211)، و"تاريخ بغداد" (6/ 97).
(¬4) المعتمد لأبي الحسين البصري (2/ 4)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 257)، "التقرير والتحبير" (3/ 82)، و"مسلم الثبوت" (2/ 169).
(¬5) "المعتمد" لأبي الحسين البصري (2/ 4)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 257).
(¬6) "الإحكام" للآمدي (1/ 257). قال الآمدي: وقوله هذا مردود؛ لأن النزاع معه هنا في إطلاق اسم الإجماع على قول الواحد، وقوله هذا مخالف للوضع اللغوي، والعرف الأصولي.
(¬7) "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (1/ 539).