كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)

• وأما الشيعة: فالإجماع الذي يكون حجة لديهم هو قول الإمام المعصوم، وانفراد الإمام المعصوم بقول يكون حجة لا تجوز مخالفته، والإمام المعصوم غير موجود الآن، فلا يحدث إجماع أصلًا (¬1).
أدلة من يقول: إن الإجماع ليس حجة، وهم النظَّام، والخوارج، والشيعة.
• استدلوا على عدم حجية الإجماع بأدلة من القرآن والسنة والمعقول:
• أولًا: من القرآن:
1 - قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}.
• وجه الدلالة: تدل الآية على أن القرآن نزل مبينًا لكل شيء، وفي هذا دليل على أنه لا حاجة للإجماع فإن الكتاب غير الإجماع (¬2).
2 - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول} [النساء: 59].
• وجه الدلالة: إذا تنازع المسلمون في حكم وجب رده إلى القرآن والسنة فقط، فلا حاجة إلى الإجماع (¬3).
3 - وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]. وقال أيضًا: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169]. وقال: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32]. إلى غير ذلك من الأدلة التي ورد فيها النهي عن المعاصي.
• وجه الدلالة: ما ورد في هذه الآيات وفي غيرها يدل على تصور وقوع المعاصي من هذه الأمة، ومن يتصور منه المعصية لا يكون قوله وفعله موجبًا للقطع (¬4).
• ثانيًا: من السنة:
1 - عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل (¬5) -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بكتاب اللَّه، قال: "فإن لم تجد في كتاب اللَّه؟ " قال: فبسنة رسول اللَّه، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول اللَّه، ولا في كتاب اللَّه؟ " قال: أجتهد
¬__________
(¬1) "أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (1/ 539).
(¬2) "الإحكام" للآمدي (1/ 269).
(¬3) "الإحكام" للآمدي (1/ 269).
(¬4) "الإحكام" للآمدي (1/ 261).
(¬5) هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأنصاري، أحد السبعين الذين شهدوا العقبة، شهد بدرًا، وأحدًا والمشاهد كلها، بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى اليمن؛ فلم يزل بها إلى أن توفي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، توفي -رضي اللَّه عنه- في طاعون عمواس سنة (18 هـ). انظر فى ترجمته: "أسد الغابة" (5/ 187)، و"الإصابة" (6/ 107).

الصفحة 40