كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
رأيي ولا آلو، فضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صدره وقال: "الحمد للَّه الذي وفق رسول رسول اللَّه لما يرضي اللَّه ورسوله" (¬1).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقر معاذًا لمّا سأله عن الأدلة المعمول بها، وأهمل ذكر الإجماع، ولو كان الإجماع معتبرًا لما أقره على إهماله (¬2).
2 - عن أبي هريرة (¬3) -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء" (¬4).
• وجه الدلالة: هذا دليل على أنه يجوز خلو العصر ممن تقوم به الحجة (¬5).
ثالثًا: من المعقول: أن أُمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمة من الأمم، فلا يكون إجماعهم حجة، كغيرهم من الأمم (¬6).
• الترجيح: أولًا: مذهب أهل السنة والجماعة القائل بحجية الإجماع الصريح يجب القول به، وعدم النظر لخلاف أهل البدع في القول بأن الإجماع ليس حجة.
ثانيًا: يعتبر الإجماع الصريح حجة في كل وقت، ولا يختص ذلك بعصر الصحابة فقط؛ لما يأتي:
1 - أفادت النصوص التي استدل بها الجمهور عصمة الأمة إذا أجمعت على قول، فمتى ثبت إجماع الأمة على قول وجب المصير إليه.
2 - أنه لا يصح حصر الإجماع بعصر الصحابة -رضي اللَّه عنهم- دون غيره من العصور؛ لأن أدلة
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (3592) (3/ 303)، والترمذي (1332) (3/ 62). قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح؛ وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحًا. انظر: "العلل المتناهية" (2/ 758). وقال ابن حجر: فيه الحارث بن عمرو؛ وهو مجهول. انظر: "التلخيص الحبير" (4/ 283).
(¬2) "الإحكام" للآمدي (1/ 261)، و"شرح العضد" (2/ 33).
(¬3) هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأكثرهم حديثًا عنه، اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، استعمله عمر على البحرين، ثم عزله، ثم أراده على العمل فامتنع، سكن المدينة، وبها مات، سنة (57 هـ)، وقيل: (58 هـ) انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (6/ 313)، و"الإصابة" (7/ 348).
(¬4) أخرجه مسلم (145) "شرح النووي" (2/ 144).
(¬5) "الإحكام" للآمدي (1/ 261).
(¬6) "الإحكام" للآمدي (1/ 262).