كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)

وإن لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره" (¬1). وقال ابن قدامة: (ولا اختلاف في اعتبار علماء العصر من أهل الاجتهاد في الإجماع" (¬2). وقال أيضًا: (ومن لا يعرف من العلم ما لا أثر له في معرفة الحكم -كأهل الكلام واللغة والنحو ودقائق الحساب- فهو كالعامي لا يعتد بخلافه" (¬3).
الشرط الثالث: أن يصدر الإجماع من جميع مجتهدي العصر: معنى هذا الشرط: أنه إذا خالف الإجماعَ واحدٌ أو اثنان من علماء ذلك العصر الذي وقع فيه حكم الحادثة؛ فهل يعد خلافه خرقًا للإجماع؟ خلاف على قولين:
القول الأول: ذهب الجمهور إلى أن الأقل إن خالف فإن قول الباقين لا يعد إجماعًا (¬4).
• أدلة هذا القول:
1 - أن العصمة إنما ثبتت للأمة بكليتها، وإذا قال الأكثر بقول وخالفهم الواحد أو الاثنان فليس بقول الجميع، بل هو مختلف فيه (¬5).
2 - أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قد أجمعوا على تجويز مخالفة الآحاد منهم؛ فانفرد ابن مسعود بخمس في الفرائض، وابن عباس بمثلها، فسوغوا لهما الخلاف، ولو كان العبرة في الإجماع بقول الأكثر لما ساغ خلافهم (¬6).
القول الثاني: أن العبرة في الإجماع هو قول الأكثر، في رواية عن الإمام أحمد (¬7)، وهو قول محمد بن جرير الطبري (¬8)، والجصاص من الحنفية (¬9)، وابن خويز
¬__________
= في العلوم الشرعية، وصنّف في فنون كثيرة؛ في علم الكلام، والفقه، والأصول والتفسير، وندم على دخوله في علم الكلام، توفي سنة (606 هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الشافعية" للسبكي (4/ 283)، و"طبقات ابن قاضي شهبة" (1/ 396).
(¬1) "المحصول" (2/ 281).
(¬2) "روضة الناظر" (ص 131).
(¬3) "روضة الناظر" (ص 132).
(¬4) "مسلم الثبوت" (2/ 222)، و"تيسير التحرير" (3/ 236)، و"أحكام الفصول" (1/ 467)، و"شرح تنقيح الفصول" (ص 336)، و"البحر المحيط" (4/ 476)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 294)، و"روضة الناظر" (ص 136)، و"العدة" (4/ 1117).
(¬5) "بذل النظر" (ص 540)، و"روضة الناظر" (ص 136)، و"قواطع الأدلة" (3/ 309).
(¬6) "الإحكام" للآمدي (1/ 294)، و"روضة الناظر" (ص 136).
(¬7) "الواضح في أصول الفقه" (5/ 135)، و"شرح مختصر الروضة" (3/ 53).
(¬8) "الإحكام" للآمدي (1/ 294)، و"روضة الناظر" (ص 136).
(¬9) "الفصول في الأصول" للجصاص (3/ 296)، و"أصول السرخسي" (1/ 316).

الصفحة 50