كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
شهداء على غيرهم من الأمم، ولم يجعلهم شهداء على أنفسهم، فيجوز الرجوع عن القول إذا اعتقد الصواب في غيره (¬1).
2 - عن السائب بن يزيد (¬2) -رضي اللَّه عنه- قال: كنا نُؤتى بالشارب على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإمرة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين (¬3).
• وجلد عليٌّ في خلافة عثمان أربعين فقال: جلد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكُلٌّ سُنّة، وهذا أحب إليّ (¬4).
3 - ما ورد عن علي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: اتفق رأيي ورأي عمر على ألا تباع أمهات الأولاد، والآن قد رأيت بيعهن (¬5).
• وجه الدلالة من الأثرين: أن عليًّا قد أظهر الخلاف بعد الوفاق؛ فقد خالف في حد الخمر، وفي بيع أمهات الأولاد، ولو كان الخلاف غير جائز لكونه مسبوقًا بالإجماع، لما خالف علي -رضي اللَّه عنه- (¬6).
القول الثالث: أن انقراض العصر شرط في الإجماع السكوتي دون غيره (¬7)، وهو اختيار الآمدي (¬8).
• دليل هذا القول: أن الساكت عن موافقة المجتهد في قوله قد يكون عن عدم
¬__________
(¬1) "العدة" (4/ 1098)، و"التمهيد" (3/ 346).
(¬2) هو السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الأزدي، له ولأبيه صحبة، حج أبوه مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وله ست سنين، مرض فمسح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-على رأسه فما شاب رأسه حتى مات، استعمله عمر على سوق المدينة، آخر من مات من الصحابة بالمدينة سنة (82) وقيل: سنة (90 هـ). انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (2/ 401)، و"الإصابة" (3/ 22).
(¬3) أخرجه البخاري (6779) (8/ 18)، ومسلم (1706) "شرح النووي" (11/ 178).
(¬4) أخرجه مسلم (1707) "شرح النووي" (11/ 178).
(¬5) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (13224) (7/ 291)، وابن أبي شيبة (5/ 184). قال ابن حجر: وهذا إسناد معدود في أصح الأسانيد. انظر: "التلخيص الحبير" (4/ 219).
(¬6) "الإحكام" للآمدي (1/ 319)، و"العدة" (4/ 1095).
(¬7) "شرح تنقيح الفصول" (ص 332)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 317)، و"شرح الكوكب المنير" (2/ 246).
(¬8) "الإحكام" (1/ 317).