كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)

أ - أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- أنكر على شريح، ونقض حكمه في امرأة ماتت وتركت ابني عم، أحدهما زوج، والآخر أخ لأم، فأعطى شريح النصف للزوج، والباقي للأخ لأم، فبلغ ذلك عليا فقال: الزوج النصف، والأخ لأم السدس، والباقي بينهما (¬1).
ب - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يوجب الغسل؟ فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثلَ الفرُّوج، يسمع الديكة تصرخ، فيصرخ معها (¬2)، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل (¬3).
• وجه الدلالة: هذا إنكار من عائشة لأبي سلمة في مناظرته للصحابة، والدخول معهم في الاجتهاد (¬4).
• الترجيح: يترجح لدي القول الأول القائل بأن خلافهم معتبر في منع الإجماع، وذلك لما يأتي:
1 - أن المجتهدين من التابعين هم بعض الأمة الذين شهدوا الواقعة، فوجب الأخذ بقولهم.
2 - أن ما أنكره عليٌّ على شريح ليس لأن قوله غير معتبر، بدليل أنه حكم عليه في مخاصمته في درعه لما رد شهادة ابنه، ولم ينكر عليه علي -رضي اللَّه عنه- (¬5).
3 - أما إنكار عائشة -رضي اللَّه عنها- على أبي سلمة: فيحتمل أنها لم تره بلغ مرتبة الاجتهاد، أو لأنه ترك التأدب مع ابن عباس. ثم إن قولها معارض بقول أبي هريرة لما قال: أنا مع ابن أخي (¬6).

المسألة الثالثة: هل يعتبر خلاف الظاهرية خرقًا للإجماع؟
إذا خالف الظاهرية الجمهور في مسألة فرعية ما، فهل يعتبر خلافهم، فلا ينعقد الإجماع بدون قولهم، أم أن قولهم غير معتبر، فينعقد الإجماع بدونهم؟
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (6/ 239).
(¬2) تريد بذلك مخالفته لابن عباس في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.
(¬3) أخرجه هذه القصة مالك في "الموطأ" (ص 66)، والبيهقي في "الكبرى" (1/ 166). وأصل الحديث أخرجه مسلم (349) "مسلم بشرح النووي" (4/ 35).
(¬4) "العدة" (4/ 1168).
(¬5) "الواضح" (5/ 200)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 302).
(¬6) انظر: "شرح مختصر الروضة" (3/ 65)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 302).

الصفحة 67