كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)

في اجتماع البدنين، وإن كان اجتماعًا بالعقود، فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم، ولهذا يقال: استنكحه المذي إذا لازمه وداومه" (¬1).

المطلب الثاني: حقيقة النكاح عند الفقهاء:
• وقع الخلاف بين الفقهاء أيضًا، في لفظ النكاح، هل يحمل على الحقيقة أو على المجاز؟ ولعل سبب اختلاف الفقهاء مبني على الخلاف عند أهل اللغة، ويمكن حصر أقوال الفقهاء فيما يأتي:
القول الأول: إنه حقيقة في العقد، مجاز في الوطء. وهو قول الجمهور (¬2)، وصححه النووي من الشافعية (¬3)، والمرداوي من الحنابلة (¬4)، والشوكاني (¬5).
• أدلة هذا القول: أولًا: أن لفظ النكاح بمعنى عقد التزويج هو المشهور الذي جاءت به الآيات والأخبار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فمن ذلك:
1 - قوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}. أي: بولاية أربابهن وإذنهم (¬6).
2 - قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، الخطاب هنا للأولياء بأن يزوجوا من لا زوج له؛ فإنه طريق للتعفف (¬7). وعلى هذا فالنكاح هنا بمعنى التزويج.
3 - قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" (¬8).
¬__________
(¬1) "الإنصاف" (8/ 3).
(¬2) "مواهب الجليل" (5/ 18)، و"الخرشي على مختصر خليل" (4/ 120)، و"الحاوي" (11/ 9)، و"مغني المحتاج" (4/ 200)، و"الإنصاف" (8/ 4)، و"كشاف القناع" (5/ 5).
(¬3) "شرح النووي على مسلم" (9/ 145).
(¬4) "الإنصاف" (8/ 4).
(¬5) "نيل الأوطار" (6/ 211).
(¬6) "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 125).
(¬7) "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 221).
(¬8) أخرجه أبو داود (2083) (2/ 229)، والترمذي (1104) (2/ 352)، وابن ماجه (1879) (1/ 590)، كلهم عن عائشة -رضي اللَّه عنها-. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 168). وقال: هو على شرط الشيخين. قال ابن حجر: تكلم فيه بعضهم من جهة أن ابن جريج قال: لقيت الزهري، فسألته عنه؛ فأنكره، فضُعِّف هذا الحديث من أجل هذا. لكن ذكر عن يحيى بن معين أنه قال: لم يذكر =

الصفحة 79