كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
القول الثالث: إنه مشترك بينهما، يعني: حقيقة في كل واحد منهما بانفراده.
• وهو وجه عند الشافعية (¬1)، قال ابن حجر: "وهذا الذي يترجح في نظري وإن كان أكثر ما يستعمل في العقد" (¬2). وهو قول لبعض الحنابلة (¬3)، قالوا: هو ظاهر ما نقل عن الإمام أحمد (¬4). وقال المرداوي: وعليه الأكثر (¬5). وقال في "الفروع": والأشهر أنه مشترك (¬6)، وقالوا: والأشبه بأصولنا ومذهبنا أنه حقيقة في العقد والوطء جميعًا (¬7).
• دليل هذا القول: أنه ثبت في اللغة وفي الشرع استعمال لفظ النكاح بمعنى العقد والوطء، والأصل في الإطلاق الحقيقة (¬8).
القول الرابع: إنه حقيقة فيهما معًا، فلا يقال حقيقة على أحدهما بانفراده؛ بل على مجموعهما، فهو من الألفاظ المتواطئة (¬9).
• وبهذا قال بعض الحنفية (¬10)، وبعض الحنابلة (¬11). قال ابن رزين (¬12) من الحنابلة: والأشبه أنه حقيقة في كل واحد باعتبار الضم (¬13).
• دليل هذا القول: أن التواطؤ خير من الاشتراك والمجاز، لأنهما على خلاف الأصل (¬14). ونقل المرداوي عن الشيخ ابن تيمية: "هو في الإثبات لهما، وفي النهي لكلٍ منهما، بناءً أنه إذا نهى عن شيء نهى عن بعضه، والأمر به أمر بكله في الكتاب والسنة والكلام. فإذا قيل مثلًا: أنكح ابنة عمّك. كان المراد العقد والوطء، وإذا
¬__________
(¬1) "شرح النووي على مسلم" (9/ 145)، و"فتح الباري" (3/ 103)، و"مغني المحتاج" (4/ 201).
(¬2) "فتح الباري" (9/ 103).
(¬3) "الإنصاف" (8/ 5)، و"المبدع" (6/ 82)، و"كشاف القناع" (5/ 6).
(¬4) "الإنصاف" (8/ 5)، و"المبدع" (6/ 82)، و"كشاف القناع" (5/ 6)، و"المغني" (9/ 339).
(¬5) "الإنصاف" (8/ 5).
(¬6) "الفروع" (5/ 145)، و"شرح منتهى الإرادات" (2/ 621).
(¬7) "الإنصاف" (8/ 5)، و"كشاف القناع" (5/ 6)، و"المغني" (9/ 339).
(¬8) "فتح القدير" (3/ 185)، و"المبدع" (6/ 81)، و"كشاف القناع" (5/ 6).
(¬9) "الإنصاف" (8/ 5).
(¬10) "فتح القدير" (3/ 185)، و"البحر الرائق" (3/ 82).
(¬11) "الإنصاف" (8/ 5)، و"المبدع" (6/ 82)، و"شرح منتهى الإرادات" (2/ 621).
(¬12) هو أبو الفرج عبد الرحمن بن رزين الغساني الدمشقي. سمع بدمشق وبغداد، وكان فقيهًا فاضلًا، صنف تصانيف؛ منها: "التهذيب في اختصار المغني"، وله أيضًا: "مختصر الهداية"، قتله التتار في بغداد سنة (656 هـ). انظر في ترجمته: "المنهج الأحمد" (3/ 61)، و"المقصد الأرشد" (2/ 88).
(¬13) "الإنصاف" (8/ 5).
(¬14) "الإنصاف" (8/ 5).