كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 3)
• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام أحمد في رواية أبي بكر (¬1) عنه، أن النكاح واجب مطلقًا، سواء خشي الإنسان على نفسه العنت أم لا (¬2). وهو قول داود (¬3)، وابن حزم (¬4)، إلا أن ابن حزم قال: إن علم أنه لا يستطيع النكاح، انتقل إلى الصوم ولا بد.
• أدلة هذا القول:
1 - قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3].
• وجه الدلالة: جاء لفظ النكاح بصيغة الأمر، فدل على الوجوب (¬5).
2 - عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" (¬6).
3 - قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعكاف (¬7): "يا عكاف هل لك من زوجة؟ "، قال: لا، قال: "ولا جارية؟ "، قال: لا، قال: "وأنت موسر بخير؟ "، قال: نعم، قال: "أنت إذن من إخوان الشياطين، إما أن تكون من رهبان النصارى فأنت منهم، وإما أن تكون منا فاصنع كما نصنع، فإن من سنتنا النكاح" (¬8).
¬__________
(¬1) هو أبو بكر عبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال، كان موثوقًا به في العلم، متسع الرواية، مشهورًا بالديانة، موصوفًا بالأمانة، مذكورًا بالعبادة. وله مصنفات منها: "الشافي"، "المقنع"، كتاب "القولين"، توفي سنة (363 هـ). انظر ترجمته في: "طبقات الحنابلة" (2/ 119)، و"المنهج الأحمد" (1/ 362).
(¬2) "الإنصاف" (8/ 7).
(¬3) "الحاوي" (11/ 49)، و"شرح مسلم" للنووي (9/ 147)، و"المبسوط" (4/ 193)، و"فتح القدير" (3/ 187)، و"المغني" (9/ 341).
(¬4) "المحلى" (9/ 3).
(¬5) "الحاوي" (11/ 49).
(¬6) سبق تخريجه.
(¬7) هو عكاف بن وداعة الهلالي، وقيل: عكاف بن بشر التميمي. لم أقف في ترجمته على أكثر من هذا. انظر ترجمته في: "الإصابة" (4/ 441)، و"أسد الغابة" (4/ 65).
(¬8) أخرجه أحمد في "المسند" عن أبي ذر (21450) (35/ 357)، وعبد الرزاق في "المصنف" (10387) (6/ 171)، قال الهيثمي: وفيه راوٍ لم يُسَّم، وبقية رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3567) (18/ 158). قال الهيثمي: وفيه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف. قال ابن حجر: أُخرج من عدة طرق. . . والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطراب. انظر: "مجمع الزوائد" (4/ 325 - 326)، و"الإصابة" (4/ 442).