كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

والثاني: قال الشافعي في "الأم" (¬1) فاقتسماها قسمة صحيحة فحذف المزني صحيحة ثم اعترض عليه ومن حقه أن يستخرج وجه صحة القسمة لا أن يعترض, ولصحة هذه القسمة وجوه فإن كانت بعد بدو الصلاح تصح من وجوه أحدهما كانت إحدى النخلتين حائلًا والأخرى حاملًا فقال أحدهما لشريكه: بعتك نصيبي من هذه النخلة التي لا ثمرة عليها هو نصفها بنصيبك من جذع هذه النخلة وثمرتها لتكون هذه الحائل كلها لك والحاملة كلها لي, فأجابه إلى ذلك فإنه تصح لأنه اشترى النخلة بثمرتها بجذع نخلة حائلًا فصار كما لو اشتراها بدراهم, وإن كانت النخلتان حاملتين صحت القسمة من أربعة أوجه وتصورها في نخلتين شرقية وغربية, أحدها: أن يقول بعتك نصيبي من الشرقية وهو نصفها ونصف ثمرتها بخمسين درهمًا فقبل ذلك فيكون له على شريكه خمسون ولشريكه كل النخلة, ثم قال اشتريت منك نصيبك من الغربية وهو نصف النخلة ونصف ثمرتها بخمسين درهمًا ليكون لي كل الغربية, فإذا فعلًا ذلك حصل لأحدهما كل الشرقية بثمرتها وللآخر كل الغربية بثمرتها ولكل واحد منهما على صاحبه [109 أ/4] خمسون درهمًا يكون قضاها وصحت القسمة ولا يجب شرط القطع في ذلك لأن الثمرة بدا صلاحها. والثاني قال لشريكه: بعتك نصيبي من جذع الشرقية بنصيبك من ثمرة الغربية ليكون لي كل ثمرة الغربية ولك كل جذع الشرقية واشتريت منك نصيبك من جذع الغربية بنصيبي من ثمرة الشرقية لتكون الغربية وثمرتها لي والشرقية وثمرتها لك وذلك يصح أيضًا لأنه بيع ثمره بجذع بعد بدو صلاحها وهذا أصح الوجوه. والثالث: قال له بعتك نصيبي من جذع الشرقية بنصيبك من ثمرتها ليكون جذع الشرقية كله لك وثمرتها كله لي وثمرتها كلها لك فإنه يصح أيضًا لأن بيع ثمرة بجذعها. والرابع: لا يختلف مذهب الشافعي أنه يجوز بيع العرايا وهو بيع الرطب على رؤوس النخل خرصًا بتمر مكيل على الأرض ولا خلاف أنه يجوز خرص الثمار ليعلم قدر الزكاة فيها ويضمن أرباب الأموال نصيب المساكين بالخرص. واختلف قوله في قسمة الرطب على رؤوس النخل خرصًا على قولين, أحدهما: لا يجوز, والثاني: نص عليه في الصرف أنه يجوز, فنقول للمزني يجوز أن يكون الشافعي فرعًها على هذا القول.
وأما بدو الصلاح فأولًا الكلام في بيع الثمرة قبل بدو صلاحها فينظر فإن باعها [109 ب/4] مفرجة عن النخل مطلقًا لا يجوز وإن كان بشرط القطع يجوز وإن باعها مع جذعها يجوز قولًا واحدًا وإن باعها ممن يملك جذعًا مطلقًا هل يجوز؟ وجهان, فإذا تقرر هذا فباع الحائل بالحامل ثمرها وجذعها يجوز وإن كانتا عاملتين فتبايعا بالدراهم يجوز أيضًا. وأما على الوجه الثالث: هل يجوز؟ فيه وجهان لأنه بيع الثمرة قبل بدو صلاحها من صاحب الجذع, وأما على الوجه الخامس: قسمتها خرصًا قبل بدو صلاحها هل يجوز؟ قولان أيضًا, وذكر القفال وجهًا آخر فقال: يقول زيد بعتك نصيبي
¬__________
(¬1) انظر الأم (2/ 26).

الصفحة 101