كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

يكثر كل نوع من الأنواع فإن كثر كل نوع بحيث لا يشق للأخذ من كل واحد بحصته يؤخذ بالحصة وهو على ما ذكر رحمه الله.
مسألة: قال (¬1): وإن كانتْ لهُ نَخْلٌ مُختَلِفَةٌ تحمِل في وقتٍ والأخرى في وقتٍ أو في سَنة حملَينِ فهُما مُختِلفَانِ.
وهذا كما قال أما الحملان في وقتين من نخلة واحدة لا يضمان كثرة عامين والحملان من نخلتين هل يضمان على ما ذكرنا وقيل قل ما يكون هذا في النخل وإنما يكون ذلك في الكرم وقيل لا يكون ذلك في الكرم أيضًا وإنما يحمل حملين ما ليس بزكاتي كالتين والنبق, والشافعي ذكر هذا على معنى التجويز أن لو كان كيف الحكم فيه وقيل: إنه يوجد ذلك نادرًا والله أعلم.

باب كيف تؤخذ صدقة النخل والعنب
قال (¬2): أخبرنا عبد الله بن نافع ... وذكر في الخبر.
وهذا كما قال وقت وجوب الزكاة في الثما إذا جاز ببيعها مطلقًا من غير شرط القطع وهو إذا بدا الصلاح [112 ب/4] فيها بأن تحمر أو تصفر وفي العنب أن يتموه ويحلو شيء منه إن كان أبيض أو يسود إن كان أسود فإن جاء هذا الوقت وجبت الزكاة وهو وقت توجيه الساعي بخرصها فيبعث الإمام من يخرصها على أربابها فيعلم بالخرص قدر الزكاة فيها لأنه إذا عرف ما يجيء منها تمرًا أو زبيبًا عرف مقدار العشر ثم إذا خرص عليه قال لرب المال أنت بالخيار بين أن تأخذها أمانة أو ضمانًا فإن اختار إمساكها أمانة كان له غير أنه لا يجوز له أن يتصرف في شيء من الثمرة ببيع ولا يأكل غير حفظها كالمال بين شريكين في يد أحدهما فإن خالف فأكل أو أتلفه فقد أثم وعليه الضمان فإن اختار أن يقبلها ضمانًا جاز واعلم أن أصحابنا اختلفوا في معنى الضمان.
قال ابن سريج: إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة والعين مرتهنة بما في الذمة كان معنى الضمان فكها من الرهن ليستفيد رب المال التصرف وإن قلنا: إن الزكاة استحقاق جزء من العين كان معنى الضمان القرض فكأنه قال: أقرضناك هذا الرطب من نصيب المساكين بما يجيء منه تمرًا ويجوز هذا القرض لموضع الحاجة, وقال الشيخ أبو حامد: وأجود من هذا عندي أن يقال خذها بكذا وكذا [113 أ/4] تمرًا فإن لرب المال أن يعطي العشر منها أو مثله من غيرها تمرًا فإنه إذا قال خذه بما يجيء منه تمرًا فقد أعطاه يعني الزكاة وموجبها وسواء قلنا: أمانة أو تضمين لا يلزم الضمان إذا هلكت بغير تفريط وإنما يفيد التضمين جواز التصرف على الإطلاق كيف شاء لا وجوب الضمان, وقال القفال: الخرص عبرة أو تضمين قولًا, أحدهما: أنه عبرة فلا يأكل رب المال من الثمرة إلا بقدر ما يفضل عن الزكاة ولكن له أن يبسط في الثمار.
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 225).
(¬2) انظر الأم (1/ 225).

الصفحة 104