كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
بالعدل فقيل إنهم أحصوا تلك الثمار التي أخذوها فلم يكن عبد الله غلط بقدر عشرة أوسق ثم إنه صلى الله عليه وسلم قبل وفاته قال: "إن عشت إلى قابل لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب", [114 ب/4] فمات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتفرغ لذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلما كان زمان عمر رضي الله عنه سحرت اليهود ابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه فتكوعت يده فأجلاهم عمر فقالوا كيف تخرجنا وقد تركنا أبو القاسم فقال: ألم يقل أقركم على ما أقركم الله وأقبل على رجل منهم فقال: أنشدك الله ألم يقل لك رسول الله "كأني أنظر إليك وقد حملت متاعك على عاتقك لتخرج من خيبر وأخرجهم".
مسألة: قال (¬1) وَوَقْتُ الخَرْصِ إذا حَلَّ البَيْعُ.
وهذا كما قال قد ذكرنا أن الوقت الخرص حين يحل بيع الثمار مطلقًا وذلك حين يبدو الصلاح وإن بدا ذلك في زمرة واحدة وهذا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يبعث عبد الله بن راوحة خارصًا حين يطلب أو الثمرة" ولأن الخرص إنما يراد ليعرف رب المال قدر الزكاة ويملك التصرف لله وهذا إنما يحتاج إليه إذا حدث ما يمنع التصرف وهو تعلق الزكاة, فأما قبل ذلك فهو مطلق التصرف فلا يحتاج إلى الخرص فيه ولأن الساعي يحصي المواشي بعد وجوب الزكاة فكذلك الخرص بعد وجوب الزكاة. وقوله يتموه العنب أراد حين يجمع الماء الحلو وقيل أراد حين يتغير [115 أ/4] لون إلى الصفرة من قولهم موهب الفضة إذا طليتها بالذهب, وأما قوله ويوجد فيه ما يؤكل أراد يؤكل مستطابًا لأن الحصرم والبلح يؤكلان أيضًا, وقد صرح في موضع آخر فقال: ويوجد فيه ما يؤكل طيبًا ثم أعلم أن الشافعي ذكر خبر سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا فقال: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع" (¬2) ثم قال في "الأم" في آخر بيع العرايا: تأويله أنه يدع لرب الحائط وأهلها من الثمرة قدر ما يأكلون ولا يخرصه ليؤدي زكاته, وقال في بعض كتبه: تأويله يدع ثلث الزكاة أو ربعها عد رب المال ليتولى تفرقتها على فقراء قرابته وجيرانه لأنهم يطعمون في ذلك منه ذكره صاحب "الإفصاح" وهذا أقرب وقيل هل يفعل ذلك وجهان.
فرع
لو كان لرجل حائطان بدا صلاح أحدهما دون الآخر فيه وجهان, أحدهما: يخرصان معًا ويكون حكم الصلاح جاريًا عليهما, والثاني: يكون لكل واحد منهما حكم نفسه فيخرص ما بدا صلاحه إلا أن يكون أقل من خمسة أوسق فلا يخرص حتى يبدو صلاح الأخر يخرصان معًا.
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 226).
(¬2) أخرجه أحمد (4/ 2, 3) , وأبو داود (1605) , والترمذي (643) , والنسائي (2491) , وابن حيان (3269) , والحاكم (1/ 402).
الصفحة 106
576