كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

قال أصحابنا: وهذا في الشامي الذي يكون منه الزيت فأما الزيتون الذي لا يكون منه الزيت فإنه يعشر إذا نضج وطاب ويؤخذ عشرة إذا بلغ خمسة أوسق ومن أصحابنا من قال يجب أن يعشر زيتًا لأنها منتهاه كالثمر وهذا خلاف النص. وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه جعل في الزيت العشر (¬1). وروي عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال في الزيتون الزكاة فجمعنا بينهما على ما ذكرنا وإذا أوجبنا الزكاة فيه فوقت الوجوب إذا بدا صلاحها بأن يسود كما يسود العنب ور يجوز خرصه قولاً واحدًا.
وأما الورس قال الشافعي: هو شجرة صغيرة ينبت أصلها تحمل الورس طيب هل فيه العشر؟ قولان قال في "القديم": فيه العشر وذكر خبرًا قال: أخبرنا هشام بن يوسف أن أهل خفاش أخرجوا كتابًا من أبي بكر [124 ب/ 4] الصديق رضي الله عنه في قطعة أديم يأمرها أن يؤدوا عشر الورس. وقال: لا أدري أثابت هذا أم لا؟ فإن كان ثابها عشر قليله وكثيره لأنه ليس مما يكال, وقال في "الجديد": لا عشر فيه كما لا عشر في سائر المشمومات من الورد والبنفسج ونحو ذلك وهذا اصح وأما الزعفران قال في القديم: فإن قال قائل فقس عليه الزعفران لأنهما معًا طيب فهو وجه. وإن فرق بأن للورس أصلاً بخلاف الزعفران فإنه ليس له أصل ثابت فهو مذهب.
قال أصحابنا إن قلنا: إنه لا شيء في الورس فإن الزعفران أولى, وإن قلنا: في الورس العشر ففي الزعفران قولان وإذا أوجبنا لا يعتبر النصاب لأنه لا يوسق ثم قال الشافعي: لو قال قائل: في حب العصفر العشر لأنه مما ينبته الناس ويأكلونه في بعض الأحوال كان مذهبًا. ولو قال بالورس عشر قليله وكثيره وأراد بحب العصفر القرطم فهذه إشارة إلى قولين. وروي. عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يأخذ العشر منه ولم يثبت والصحيح لأن لا زكاة فيه لأنه ليس بقوت, وقال بعض أصحابنا: في عصفره قولان أيضًا كما في القرطم ذكره في "الحاوي" (¬2).
وأما العسل فقال في [125 أ/4] "القديم": الحديث الذي فيه العشر غير ثابت والذي روي فيه أنه لا عشر فيه غير ثابت فكأنه لم يقطع بحكمه وعلى القول فيه والخبر المروي فيه أن بني شبابة كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحل كان عندهم العشر من كل عشر قرب قربة ورجع في الجديد عن ذلك. وقال أحمد وإسحاق والأوزاعي في العسل العشر, وقال أبو حنيفة: إن وجد في غير أرض الخراج يجب العشر وهذا غلط لأنه بقوت فلا يجب فيه العشر كالبيض.

باب [صدقة الزرع]
مسألة: قال (¬3) في قول الله تعالى: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] , فيه دلالة على انه إنما جعل الزكاة في الزرع.
¬__________
(¬1) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (7455).
(¬2) انظر الحاوي للماوردي (3/ 236).
(¬3) انظر الأم (1/ 229).

الصفحة 115