كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
وهذا لأن ما بين السنين من الفضل من الواجب عليه، فإذا تركه لزمه إخراجه، ثم إذا وجب إخراج الفضل، إن كان يسيرًا لا يمكنه أن يشتري به جزءًا من الفرض يجزئه، أو يتصدق به من الدراهم والدنانير، ويجوز هذا للضرورة، وإن كان كثيرًا يمكنه أن يشتري به جزءًا من الفرض، فهل يلزمه أن يشتري به؟ فيه وجهان:
إحداهما: يلزمه، ولا تجوز القيمة، لأنه يمكنه إخراج أصل الفرض.
والثاني: لا يلزمه ذلك، وتجوز القيمة، لأنا لو كلفناه ذلك أدى إلى المشقة، فجوز العدول إلى غيره للضرورة، كما جوز أخذ الشاة في خمس من الإبل للضرورة، وإن لم يكن من جنس الفرض، ولأن هذا تلافي النقص، وليس بقيمة، فعلى هذا لا يجوز أن يعدل عن النقص إلى العروض، ولكن لو عدل إلى الجبران يجوز بلا خلاف، فإذا قلنا بالأول ينبغي أن يعرف القيمة ليعرف الأفضل، فإن كان قيمة الحقاق مثلًا خمسمائة وقيمة بنات اللبون أربعمائة وخمسين [16 ب/4] يلزمه أن يخرج بقدر خمسين من حقه لابن بنت لبون، وذلك خمسًا حقة، أو قيمة كل حقة مائة وخمسة وعشرون.
ومن أصحابنا من قال: إن شاء صرفه إلى شاة أو بعير أو جزء منه. وكان الشيخ أبو الحسن الماسرجسي يقول: إن قدر على أن يشتري به ابنة مخاض يلزمه ذلك، لأنها من الفرائض، فهي أقرب إلى الفرض الواجب في المائتين من التقدير. ومن أصحابنا من قال في أصل المسألة: إن فرق الساعي على أهل السهمان يلزمه إخراج الفضل، لأنه لا يمكن استرجاعه سواء كان بالاجتهاد أو بغير الاجتهاد، وإن لم يكن فرق يسترد ما أخذ ودفع الأفضل، وهذا ضعيف، وإن كان إحداهما ناقصًا والآخر كاملًا فإن كانت عنده ثلاث حقاق وخمس بنات لبون.
فالفرض بنات اللبون، فلو قال هاهنا: خذ مني ثلاث حقاق وبنت لبون مع الجبران، لم يقبل منه، لأنه يعدل عن المنصوص، وإن كانا ناقصين بأن يكون عنده أربع بنات لبون وثلاث حقاق، فإن أعطى أربع بنات لبون وحقة وطلب الجبران، كان له، وإن أعطى ثلاث حقاق وبنت لبون معها الجبران، أخذنا أيضًا، ولو قال: خذوا حقة وثلاث بنات لبون مع كل واحدة جبرانها حتى تتم أربعة حقاق هل يجوز؟ فيه وجهان:
إحداهما: يجوز، كما يجوز الذي [17 أ/ب] قبله.
والثاني: - وهو المذهب - أنه لا يجوز، لأنه يترك ابنة لبون في ماله، ولا يجوز أن يترك ابنة لبون في ماله، وهي من جنس الفرض، إلى الجبران، ولأنه يمكن أن يعطي ثلاث حقاق وبنت لبون وجبرانًا واحدًا، فلا يجوز جبرانان، ولو كان في ماله أحد الصنفين لا نكلفه شراء الصنف الآخر، ولو كان أنفع، لأن في تكليفه مشقة عليه. ثم قال المزني: ولا نفرق الفريضة ونقل الربيع، ولا نفارق الفريضة، فمعنى التفريق أنه لو وجد نصف أحد الصنفين وكل الصنف الآخر، مثل حقتين وخمس بنات لبون، فقال الساعي أريد أن آخذ الحقتين وبنتي لبون ونصفًا، ليس له ذلك، وإن كان ذلك جبرًا
الصفحة 18
576