كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

لأهل السهمان، بل عليه أخذ الصنف الموجود بكمالة، وأما مفارقة الفريضة هي أن يدع الصنف الموجود ويأخذ الجبران، فليس له ذلك، لأنه مفارقة للفريضة الموجودة فصار كما لو كانا معًا موجودين يفارقهما إلى سن أعلى إذا سفل. ومن أصحابنا من غلط المزني في هذا النقل وقال: افتتح المسألة في مفارقة الفريضة، وختمها بلفظ التفريق والمفارقة والتفريق مفترقان، فإن المفارقة أن يجد أحدى السنين دون الأخرى فيعرض عنها ويصعد أو يترك، والتفريق أن ببعض المأخوذ على [17 ب/4] ما ذكرنا والشافعي رحمه الله فرق في "الكبير" مسألة: الفارقة عن مسألة التفريق.
فضرب المزني إحداهما في الأخرى، وهذا ظلم من أصحابنا على المزني، لأنه نقل المسألتين بلفظ مختصر، فقال: وإن وجد أحد الصنفين دون الآخر، أخذ الذي وجد، فهذا مفارقة الفريضة. ثم استأنف الكلام بحرف العطف فقال: ولا يفرق الفريضة، فأفرد مسألة التفريق عن مسألة المفارقة فتفهم.
فرع
لو كانت له أربعمائة من الإبل، فأراد الساعي أن يأخذ منها خمس بنات لبون وأربع حقاق، فإنه يجوز، وهو المذهب. وقال أبو سعيد الإصطخري: لا يجوز، لأن الفرض إذا أمكن أخذه من جنس واحد لم يجز أخذه من جنسين كما في المائتين، وهذا غلط، لأن أربعمائة جملتان، لو انفردت كل واحدة منها جاز أن يأخذ منها كل واحد من الجنسين، إما خمس بنات لبون، وإما أربع حقاق، فإذا جتمعتا جاز أن يأخذ فرضها من جنسين مختلفين، وليس كذلك المائتان، فإنهما حملة واحدة فيهما فرض واحد، لأنهما إذا جعلتا نصفين لم يجز أن يؤخذ من كل نصف منهما كل واحد من الجنسين، كما يقول في كفارة يمينين يجوز التفريق، ولا يجوز في كفارة واحدة.
مسألة: قال: وإنْ كانَ الفَرْضَانِ مَعِيبينِ [18 أ/4] بمَرَضٍ أو هُيامٍ أو جَرَبٍ.
الفصل
وهذا كما قال: الهيام - بضم الهاء-: داء يعتري الإبل في أجوافها، فلا تزال تكرع الماء عطشًا حتى تموت، يقال: جمل أهيم، وناقة هيماء وإبل هيم لأنها حينئذ في معنى المفقودين، إذ لا يجوز أخذهما، فيقال له: أنت بالخيار بين أن تصعد في السن أو تترك مع الجبران، لأن كون الفرض معيبًا بمنزلة عدمه، فإن أعطانا أربع جذاع بدل أربع حقاق، أخذناها ورددنا عليه لكل جزعة شاتين أو عشرين درهمًا، وإن أعطانا خمس بنات مخاض بدل خمس بنات لبون أخذناها، وأخذنا مع كل واحد منها شايتن أو عشرين درهمًا، فإن قال: خذوا مني خمس جذاع بدل خمس بنات لبون وردوا على لكل جذعة أربع شياه أو أربعين درهمًا، لم يأخذها، لأنا إذا أمكننا أن نصعد من الفرض الأعلى وهو الحقاق، لم يجز أن يصعد من الفرض الأدنى وهم خمس بنات لبون.
ولو قال رب المال: أنا أشتري [18 ب/4] لكم خمس بنات لبون أو أربع حقاق

الصفحة 19