كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

ولا أعطيكم شيئًا أعلى من الفرض ولا دون الفرض، كان ذلك له، وكان ذلك يجب عليه أن يأتي بالفرض على ما يشبه بماله بالقيمة، وطريق معرفته أن يقال: لو كانت المائتان مراضًا كم كانت قيمة خمس بنات لبون منها؟ فيقال: عشرة دنانير، ولو كانت كلها صحاحًا كم كانت قيمة همس بنات لبون منها؟ فيقال: عشرون دينارًا،/ ثم يقول كم المراض من المائتين؟ وكم الصحاح؟ فإن قيل: نصفان أخذنا نصف قيمة العشر ونصف قيمة العشرين، فتكون خمسة عشر دينارًا، فنقول لرب المال: ائت بخمس بنات لبون تساوي خمسة عشر دينارًا، وإن قيل: ثلث المائتين مراض، وثلثاها صحاح، أخذنا ثلث العشرة وثلثي العشرين، وعلى هذا الحساب إذا قل عدد المراض من المال وكثر عدد الصحاح، أو كان على العكس.
فرع
الجبار في موضع الجبران هو إلى المعطي، فإن كان المعطي رب المال فالخيار إليه، إن شاء أعطى شاتين وإن شاء أعطى عشرين قال في "الأم": والاحتياط لرب المال أن يعطي ما هو الأحظ لأهل السهمان منهما. وقال الثوري: الجبران شاتان أو عشرة دراهم، وروي ذلك عن على رضي الله عنه، لأن قيمة الشاة في الشرع [19 أ/4] خمسة دراهم، لأن نصاب الغنم أربعون، وهذا غلط، لأنه لا تقوم الإبل أربعة دنانير على هذا القياس، فكذلك فيما ذكرتم. ومن أصحابنا من قال: قال في "الإملاء": الخيار إلى الساعي، ففيه قولان، وهذا غلط، والذي قال في "الإملاء"، أراد إذا كان الساعي هو المعطي، ولا شك هاهنا أن الخيار إليه، ولا يجوز له أن يختار إلا ما هو خير لأهل السهمان كما قلنا في فرض المائتين، وهذا لأنه وكيل لهم، فلا يفعل إلا ما فيه حظهم.
فرع آخر
لو كان مع الساعي أغنام وليست معه دراهم، والشاتان أكثر قيمة من العشرين الدراهم، فإنه يبيع من الشاتين بقدر عشرين درهمًا، ويدفع إلى رب المال، وإن كانت العشرون درهمًا أكثر من الشاتين، دفع الشاتين.
فرع آخر
لو نزل سنين أو صعد سنين، فإن كانت السن التي تلي الفرض معدومة، جاز النزول بسنين ويجعل جبرانين، بكل سن جبرانًا واحدًا، فتكون أربع شياه أو أربعين درهمًا، وإن كان ثلاثة أسنان، يلزم ثلاث جبرانات، ست شياه أو ستون درهمًا، وإن كان السن التي تلي الفرض موجودة، فذكرنا أنه لا يجوز النزول منها، وهو المذهب، وفيه وجه آخر أنه يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم "قدر جبران كل سن بشاتين أو عشرين [19 ب/4] درهمًا"، فيجوز أخذه هاهنا عن سنين، وهو ضعيف. وهكذا الخلاف لو وجد سنًا أعلى منه بسنة وسنًا أعلى منه بسنتين. وقال ابن المنذر: لا يجوز النزول إلا إلى سن واحدة لأن الشرع لم يرد الجبران إلا في سن واحدة، وهذا غلط لأن فيها ذكر سنها على ما ذكرنا.

الصفحة 20