كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

يعطي الموجودة. ولو قال: أنزلوا إلى سن دونها، أو إلى سن فوقها مع الجبران في المسألة الأولى، لم يجز، لأن سائر الأسنان مريضة ولا يجوز أخذ المريضة وفي المال صحيحة.
فرع آخر
لو كانت له ستة وثلاثون من الإبل مراض، وليست فيها بنت لبون، فإن قال: أعطي بنت مخاض مريضة معها الجبران أخذناها، لأنه زيادة، وإن قال: أعطي حقة وردوا على الجبران شاتين، لا يجاب إليه، لأنه هذا جبران ما بين السنين الصحيحتين، فلا يجوز أن يجعل جبران ما بين السنين المريضتين، لأنه يؤدي إلى الإضرار بالفقراء، ولا يجوز للساعي أن يفعل إلا ما هو الاحتياط لهم، ولا يجوز أن ينقص الجبران كما قدره الشرع.
مسألة: قال (¬1): وإذا وَجَبتْ عليه جَذَعَةٌ لم يَجُزْ لنا أن نأخذُ منهُ ماخِضاً.
وهذا كما قال: إذا كانت له إحدى وستون من الإبل، يلزمه جذعة حائل، فإن كانت جذعة ما خض أي: حامل، لم يجز للساعي مطالبته بها، وإنما قيد الشافعي رحمه الله بالجذعة، لأن ما دونها لا يحمل فإن تطوع رب المال بها، أخذناها، فإن قيل: أليس لو جاء الجاني بغرة حامل لا يؤخذ. فما الفرق؟ قلنا: الفرق هو أن الحمل في بنات آدم نقص، وهو في البهيمة زيادة [22 أ/4] ولهذا لو اشترى بهيمة فوجدها حاملاً، لم يكن له ردها، ولو اشترى جارية فوجدها حاملاً كان له ردها. وحكي عن داود أنه قال: لا يجوز أخذ الحامل، لأن الحمل عيب، ولا السن الأعلى عن الأداء، واحتج بنهيه عن أخذ الشافع في الزكاة، وأراد به الحامل، وهذا غلط، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ففيها جذعة" ولم يفصل بين الحامل والحابل، ولأن الحمل زيادة، بدليل أنه غلط الدية بالحمل، فصار كما لو أخرج السمينة بدل المهزولة، والدليل على أن الأعلى يقبل إذا تطوع به، ما روى أبي بن كعب أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً، فمررت برجل فجمع إلى ماله، فوجدته تجب عليه ابنه مخاض، فقلت: يجب عليك بنت مخاض، فقال: إنه لا ذر لها ولا ظهر، وهذه ناقة سمينة عظيمة فخذها، فقلت: لا آخذ مات لم أومر، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريب منا، فإذا أردت أن نأتيه فنعرضها عليه، فإن أخذها أخذتها، وأن ردها رددتها، فخرج إليه وذكر له، فقال: "ذاك هو الواجب فإن تطوعت بخير منه قبلنا منك" (¬2)، فقبلها، فقبلتها منه.
فرع
لو ضرب الفحل فلم يدر، أحملت أم لا؟، لا يأخذها جبراً على ما تقدم بيانه ولو
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 193).
(¬2) أخرجه أحمد (5/ 142)، وابن خزيمة (4/ 24)، والحاكم (1/ 399)، والبيهقي في "الكبرى" (7279).

الصفحة 23