كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
أولى، وقال الحسن البصري والنخعي وداود: إنه يستأنف الحول أبداً، وهذا غلط لخبر عمر رضي الله عنه، وتمامه ما روى ان سفيان ساعي عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجع إليه فقال: إن هؤلاء يعنى أرباب المواشي يزعمون أنا نظلمهم نعد بالسخلة عليهم ولا نأخذها منهم فقال له عمر رضي الله عنه مبيناً: إنه ليس بظلم بل هو عدل اعتد بالسخلة يروح بها [33 أ/4] الراعي أي: وإن كانت السخلة في الصغر بحيث لا تقوى علي المشي فيحملها الراعي فيروح بها، ثم قال: ولا يأخذها ولا يأكل الأكولة ولا الربي ولا المخاض ولا فحل الغنم، وخذ الجذعة والثنية (¬1).وذلك عدل بين غدي المال وخياره والغدي جمع الغدي وهو الصغير، ومعناه انك ما لا تأخذ السخلة وتعدها، كذلك تعد عليهم النفيس من الأكول والربي والماخض ولا تأخذها، وإنما تأخذ الجذعة والثنية فإذا ليس بظلم بل هو عدل عن الصغار والكبار والنفيس والخسيس، ثم فسر الشافعي رحمه الله الربي والماخض والأكولة فقال: الربي هي التي يتبعها ولدها، وهي قريبة العهد بالولادة ما بينها وبين خمسة عشرة ليلة، فقال: هي في ربابها كما يقال في المرأة هي: في نفاسها، وقيل: جمع الربي رباب، وإنما قيل ذلك لأنها تربي ولدها وقيل ذلك إلي خمسين يوماً، ولا تؤخذ هذه لفضلها لأنها ذات الذر الغزير في هذه الأيام في أخذها إضرار بالسخلة فإن تبرع بها صاحبها أخذناها، ومن أصحابنا من قال: لا يؤخذ لنقصها لأنها في هذا الوقت تكون مهزولة وهو خلاف النص، وأما الأكولة: هي التي تعلف وتسمن للذبح وليست بسائمة [33 ب/4] والماخض: الحامل والشافع، والماخض والمخاض رجع الولادة، قال الله تعالي: {فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم:32] وقيل: هي التي في بطنها ولد وخلفها ولد آخر ولا تؤخذ هاتان لفضلهما، فإن تطوع قبلنا.
وأما فحل الغنم: فهو الذي يعد في القطيع للضراب والكفاح ينظر في الغنم فإن كانت كلها ذكوراً لا يؤخذ لفضله فإن تبرع به أخذناه، وإن كانت لكنها أناثاً أو بعضها ذكوراً وبعضها إناثاَ لا يجوز أخذه لنقصانه بالذكورة، ثم اعلم أن الجذعة عندنا إنما تؤخذ إذا كانت الغنم ضانية ولا تؤخذ إذا كانت الغنم ما عزة، وإنما يؤخذ من المعز الثنية، وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة: لا يقبل فيها إلا الثنية، وروى الحسن بن زياد عنه مثل مذهبنا، وقال مالك: تجوز الجذعة فيهما واحتج الشافعي رحمه الله باحتجاج حسن، فقال: ولما لم يختلف أهل العلم فيما علمت مع ما وصفت يريد بقوله: فيما علمت فيما بلغني من الاختلاف مع ما رويت في حديث عمر رضي الله عنه من اخذ الجذعة والثنية، ولا مخالفة له في أن لا يؤخذ أي فرض الغنم أقل من جذعه أو ثنية أي: لا يؤخذ دون هذه السن إذا كانت في غنمه أي: إذا كانت [34 أ/4] هذه السن موجودة في غنمه أو اعلي منها أي: إذا كانت الأعلى منها موجودة لم يؤخذ دون هذا
¬__________
(¬1) أخرجه مالك في " الموطأ" (1/ 265)، والشافعي في " المسند" (651).
الصفحة 34
576