كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

ستة أشهر أخرى يلزمه الزكاة, وهذا هو أقرب عندي, لأن ملكه في الحقيقة لم يزل وإن [49 ب/4] كان ماله ماشيًة فضاعت أو غصبها غاصب حتى تم الحول ثم رجعت إليه فإن رجعت من دون نمائها فالحكم على ما ذكرنا, وإن رجعت بتمامها من الذر والنسل قال ابن سريج: يلزمه زكاة ما مضي قولاً واحدًا، لأنها سقطت في أحد القولين لعدم النماء وهاهنا حصل له النماء وترفه بسقوط مؤنها عنه مدة, وقال أبو علي بن أبي هريرة: فيه قولان أيضًا, وهو الصحيح لأن نقصان الملك بالخروج عن تصرفه ويده قد وجدوا بالرجوع لم يعد ذلك فأشبه مال المكاتب إذا رجع إلى الولي بالعجز من الأرباح لا زكاة فيه, وإن غصبها أحوالاً فالزكاة في السنة الأولى على ما ذكرنا, وفي السنة الثانية والثالثة لا يجب على قوله الجديد والقديم, أما على قوله الجديد فلأن الزكاة تجب في العين فينقص المال عن النصاب.
وأما على قوله القديم فلأن المال كان محولاً دونه وأراد بما في الكتاب هاهنا إذا وجدها بتمامها زكاها أحوالها وهذا إذا أسامها ربها وأسامها الغاصب, فأما إذا أسامها المالك ثم غصبها وعلفها بقية السنة ففيه طريقان, إحداهما: لا زكاة قولاً واحدًا, وهو الصحيح, لأن شرط الزكاة عدم فيها وهو السوم فأشبه إذا [50 أ/4] ذبح شاة منها ونقص عن النصاب ومن أصحابنا من قال: فيه قولان, إحداهما: هذا والثاني: لا تسقط الزكاة بعلف الغاصب كما لو غصب دراهم فصاغها حليًا لم تسقط الزكاة عنها بصياغته وهذا غلط, والفرق أن صياغة الغاصب محرمة فلا يتعلق بها سقوط الزكاة كما لو صاغها المالك صياغة محرمة لا تسقط الزكاة, والعلف مباح بل واجب وإنما إمساكها محرم فصار كعلف المالك فسقط الزكاة ولو علفها المالك وأسامها الغاصب اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال: لا زكاة فيها, لأن حكم السوم لا يثبت إلا بقصد المالك واختباره, ومنهم من قال: فيه قولان, إحداهما: هذا, والثاني: يثبت حكمه وتجب الزكاة فيه كما لو غصب طعامًا وزرعه في أرضه فالعلة لصاحب الطعام وجيب علي فيها العشر كما لو زرعه صاحبه باختياره, فإن قيل: يلزمكم إذا رعت الغنم بنفسها من غير قصد صاحبها واختياره تجب الزكاة فيها, قيل: لو جاز أن يدوم سنة هكذا لم يبعد أن يجب على قول هذا القائل ذكرها الإمام أبو الطيب الطبري, وقال الشيخ أبو حامد: لا تجب هاهنا قولاً واحدًا وقول هذا القائل غلط لهذا السؤال وحصل الفرق [50 ب/4] بين السوم والزرع وهل فيه وجهان؟!
فرع
لو غصب ماشية ثم تاب فسلمها ثم تاب فسلمها إلى الإمام فأسامها حولاً وجبت الزكاة.
فرع آخر
إذا قلنا: يلزم الزكاة على المالك بإسامة الغاصب, قال بعض أصحابنا: لا خلاف على المذهب إن قرار الضمان على الغاصب لأنه أوقعه فيها.

الصفحة 48