كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
نقله, وقال: لا يصح هذا الاعتبار ولأنه يؤدي إلى الربا فإنهما إذا خلطا اللبن ثم اقتسما فإنه يؤدي إلى الربا لأنه لا يجوز أن يكون لبن إحدى الماشيتين أغرز من الأخرى.
وقال أبو إسحاق: ما نقله المزني فهو صحيح ونقل حرملة مثله ومعناه: أن الماشيتين لا يفرق بينهما للحلب كما لا يفرق بينهما للسقي فيحلبان في موضع واحد, وإن كان لكل واحد محلب على حدة يحلب فيه ماشيته خاصة ولم يرد به أنهما يحلبان في إناء واحد, ومن أصحابنا من قال: يشترط أن يكون الحالب والمحلب [57 ب/4] واحد فيحلبان في إناء واحد ولا يتميز إناء إحدى الماشيتين عن الأخرى, ولكن لا يجمع بين اللبنين ولا يخلط إحداهما بالآخر, ومن أصحابنا من قال: يشترط أن يكون الحالب والمحلب واحد فيحلبان في إناء واحد ثم يقتسمان على قدر الماشية ويجوز ذلك عن طريق المسامحة لما يجوز أن يخلط الرفقة في السفر أزوداهم ويأكلون معًا, وإن كان إحداهما أكثر أكلاً والآخر أقل أكلاً فحصل من هذا أن أصل الحلاب هل يشترط؟ وجهان, إحداهما: لا يشترط فكل واحد منهما يحلب ماشيته فكيف شاء لأن الأخلاط تعتبر في الأصل لا في النماء كما لا يعتبر في جز الصوف, والثاني: يشترط ذلك ليحصل رفق الخلطة فإذا قلنا بهذا ففي كيفيته ثلاثة أوجه, أحدها: أن يكون الحلاب على موضع واحد فقط, والثاني: أن يكون المحلب واحدًا ولا يشترط أن يكون الحالب واحدًا ولا خلط اللبن, والثالث: يشترط أن يكون الحالب والمحلب واحدًا ويخلطان اللبن وهذا هو أضعف الوجوه, ومن أصحابنا من ذكر وجهًا رابعًا فقال: لا خلاف أن خلط اللبن لا يشترط ومن اشترطه فقد سها ولكن يشترط أن يكون الحالب والمحلب واحدًا, ومن أصحابنا بخراسان من قال: [58 أ/4] الصحيح في الفحل أنه لا يشترط أن يكون واحدًا مشتركًا بل يشترط فيه من ذكرنا في الحلاب وهو ان يكون الأنزاء في موضع واحد. وإن كان لكل واحد فحل على حدة ينزيه على ماشيته خاصة, وهذا غريب والشرط الثاني من الشرائط الثلاث فيه الخلطة فهل يعتبر ذلك وجهان كما قلنا في نية السوم إحداهما: أنه شرط كما يشرط النية في أصل الزكاة, والثاني: لا يشترط وهو المذهب لأن المقصود حقه المؤنة ويجعل ذلك من دون النية, والثالثة: وجود هذه الشرائط في جميع السنة, قال الشافعي في الحديث: يعتبر من أول السنة وليس هذا بمشهور, ومن أصحابنا من قال: لا يشترط أن يكون الراعي واحدًا ويكفي أن يكون المرعى واحدًا وادعى أن هذا هو المذهب وهو غلط, لأن تخفيف الخلطة إنما يحصل بأن لا ينفرد الراعيان في التعهد والمراعاة ولا تكثر المؤنة باتخاذ كل واحد منهما راعيًا على حدته ويجوز أن يكون الراعي عشرة نفر وأكثر بعد أن يكونوا على الاشتراك في العمل, فإذا تقرر هذا رجعنا إلى سواد المختصر وبيانه قال: ويكونان خليطين أي: لا يثبت لهما في الزكاة حكم الخلطة حتى توجد الشرائط ثم ذكر [58 ب/4] بعض الشرائط, قال: فإذا كانا فإنهما يصدقان صدقة الواحد
الصفحة 55
576