كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

السبع [من] الغنم أو الطعام عند التعديل والصوم. وبه قال أحمد في رواية، وروي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما - وهذا لأنه سبب تجب به الفديةَ، فكان فيها التخيير كقتل النعامةً. وهذا لا يصح لأن في قتل النعامةَ تجب الفديةً على طريق البدل، ولا يتعلق بها إفساد العبادةً بخلاف هذا.
وقال القفال: القولان مبنيان على أن الوطء إتلاف أم لا؟ فإن قلنا: إتلاف، فالحكم التخيير في فدية الحلق، وإن قلنا: استمتاع، فلا ترتيب كما في فدية الطيب، وهذا ليس بشيء، وقال القاضي الطبري: لا يختلف أصحابنا أنه لا يجوز أن ينتقل عن الثلاث البدنة، والبقرة، والأغنام إلى الصيام والإطعام مع وجودها، وإذا لم يقدر على هذه الثلاث ينتقل إلى الإطعام والصيام، وهل يجب الترتيب في الثلاث؟ نص الشافعي على أنه يجب، وهو الصحيح، لأنه قال في "الأوسط" (¬1): وإذا كان معتمرًا عن هذا كله قومت البدنةُ بمكة دراهم، والدراهم طعامًا، ثم أطعم، فإن كان معسرًا عن الطعام صام عن كل مد يومًا، وفيه قول آخر لا يجب بل يتخير. وذكر في "الحاوي" (¬2) أنه قول ابن عباس.
فرع
إذا قلنا: أنه على التخيير، فعند العدم قوم أي الثلاث شاء وإذا قلنا: على الترتيب فقد بّينا انه يقوم البدنة نص عليه، وقال ابن سريج يقوم السبع من الغنم، لأنها أقرب الواجبات المذكورةً وهذا لا يصح لأن الغنم في البدنةً عند وجودها، فإذا عدما كان اعتبار الأصل أولى [169/ أ].
فرع أخر
هل ينتقل عن الإطعام إلى الصيام على الترتيب أم التخيير؟ وجهان، هذا ذكره صاحب "الحاوي" (¬3) والمنصوص ما ذكرنا أنه على الترتيب.
فرع أخر
تقوم بمكة أو منى في الموضع الذي ينحرها فيه لو وجدها ويراعى غالب الأسفار في أهم الأحوال.
مسألة: قال (¬4): وهكذا م واجب عليه يعسر به ما لم يأت فيه نصّ خبر.
الفصل
هكذا وجوب الترتيب بين الهدي والإطعام والصيام. وقوله: ما لم يأت فيه نص خبر أراد في فدية الأذى ورد عن الخبر بالتخيير، وفي جزاء الصيد ورد نص القران بمثله فثبت الفرق في بين المبلغات وغيرها من التخيير والترتيب وجملته أن الدماء الواجبةُ في الحج كثيرة بعضها ثبت بالنص، وبعضها ثبت بالاجتهاد، فأما الذي ثبت بالنص، فأربعهَ دماء: دم التمتع وراء الصيد ودم الحلق ودم الإحصار، فأما دم التمتع
¬__________
(¬1) انظر الأم (2/ 184).
(¬2) انظر الحاوي للماوردي (4/ 225).
(¬3) انظر الحاوي للماوردي (4/ 224).
(¬4) انظر الأم (2/ 94).

الصفحة 562