كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

يفسد الإحرام كما دون الفرج، وفي ضمن هذا اللفظ الذي ذكره الشافعي في التحلل الأول، يصحل برمي الجمار، وهذا على قول الذي يقول: الحلاق ليس بنسك.
مسألة: قال (¬1): ومن أفسد العمرةً فعليه القضاء من الميقات الذي ابتدأها منه.
إذا أحرم بالحج ثم أفسده يلزمه القضاء ويلزمه الإحرام من أغلظ الآخرين مما يلزمه في الشرع.
وهو الميقات المعروف، أو مما ألزمه على نفسه، فإن كان أحرم من الميقات، ثم أفسده يلزمه في القضاء الإحرام من الميقات، وإن كان أحرم قبل الميقات فقد ألزم نفسه الإحرام من ذك الموضع، فإذا أفسده يلزمه القضاء من ذلك الموضع، فإن أحرم دونه يلزمه دم، وكذلك إذا أحرم بالعمرةً، ثم أفسدها يلزمه الإحرام في القضاء من الموضع الذي أحرم، وإن بعد من الحرم بكثير. وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة ومالك، أما في الحج يلزمه القضاء من الميقات، وفي العمرة يلزمه القضاء من أدنى الحل، وهذا غلط، لأن في كل مسافة وجبا عليه قطعهما محرماً في الأداء وجب عليه ذك في القضاء كما لو كان أحرم من الميقات.
فرع
المتمتع إذا أحرم بالحج من مكة ثم أفسده، ففي القضاء يحرم من مكة لأنها ميقاته
فرع أخر
الطريق الذي سلكه في [172/أ] الأداء لا يتعين عليه في القضاء، وإما يتعلق عليه قدر مسافته، فلو سلك طريقًا آخر جاز ألا ترى أن من عليه الحج لا يلزمه أن يحرم بميقاته؟! بل يلزمه أن يحرم منه، أومن محاذاته كللك ههنا.
فرع آخر
عندنا لا يلزمه قضاء العمرةَ مع الحج، وعند أبي حنيفة: يلزمه ذلك، وهذا غلط قياسًا على ما لو فات لا يلزمه ذلك، فإذا تقرر هذا، ففي لفظ "المختصر" إشكال. وذلك أنه قال: من الميقات الذي ابتدأها منه، وهذا توهم أن الميقات الذي ابتدأها منه يتعين عليه حتى لا يجوز له غيره، وليس مراد الشافعي هذا، ولكن مراده تعيين المسافة وتقديرها حتى لو أحرم بعمرةً من ذات عرق أجزأه على ما ذكرنا، ثم أفسدها فرجع إلى مكان غير ذات عرق، وبين ذك المكان وبين مكة ما بين مكة وبين ذات عرق، أجزأه ذلك على ما ذكرنا، ثم ألزم الشافعي سؤالا على نفسه، فقال: فإن قيل: فقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - عائشةً رضي الله عنها أن تقضي العمرةً من التنعيم، فليس كما قال: إنها كانت قارنة وكذلك عمرتها شيئا استحسنته، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وبها لا أن عمرتها كانت قضاء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طوافك يكفيك لحجك وعمرتك" واعلم أن أهل البراق حملوا حديث عائشةُ رضي الله عنها على وجه بعيد، وحمله أهل المدينةً على وجه آخر وبين كل
¬__________
(¬1) انظر الآم (2/ 95).

الصفحة 566