كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
قولاً واحدًا, وإن كان على معينين فإن قلنا: ملك الموقوف لله تعالى فلا زكاة فيها, وإن قلنا: الملك للموقوف عليهم فهل تجب الزكاة فيه وجهان, إحداهما: تجب الزكاة لأنها ملكه, والثاني: لا تجب لأن ملكهم ناقص إذ لا يجوز لهم أن يتصرفوا فيه على الإطلاق فأشبه مال المكاتب وهذا أصح وعلى كلا الوجهين لا يخرج الزكاة من عينها لأنها وقف فلا يعطي المساكين, وإذا تقرر هذا فقد ذكر في المختصر فصلاً بعد هذا فقال: أرأيت لو أن حائطًا صدقته مجزأة يريد موقوفة على مائة إنسان ليس فيه إلا عشرة أوسق, أما كانت فيه صدقة الواحد وأراد بهذا أن مالكًا سلم في هذا المسألة [61 أ/4] أن عليهم صدقة الواحد, وإن كان حصة كل واحد منهم لم تبلغ نصابًا, فكذلك في المواشي وجب أن يلزم ذلك واعتذر محمد بن سلمة المالكي عن هذه فقال: تلك الثمرة باقية على ملك الواقف لا تدخل, وفي ملك الموقوف عليهم إلا بالقسمة فلهذا أوجب فيها الصدقة, لأن الملك لواحد وهو تمام النصاب, وهذا خطأ لأن الواقف قد زال ملكه عنه, وقد يكون وقت وجوب الصدقة ميتًا أو على صفة تجب في ملكه الزكاة فدل أنها وجبت على الموقوف عليهم لا على الواقف, ويؤكده أنه إن أمكن أن يقال هذا في الأصل فلا يمكن أن يقال إن الثمار ملك الواقف وهي لم تكن في جبانة, وحديث حين كان ترابًا في القبر وقيل قصد بهذا الكلام الرد على مالك من وجه آخر, وهو أنه قال: لا خلطة فيما عدا المواشي أصلاً. ثم قال في هذه المسألة: أن عليهم الزكاة وقيل: قصد به الرد على أبي يوسف ومحمد, لأنهما منعا الخلطة, وقالا بالتوسيق وأوجبا العشر هاهنا, وهذه متناقضة ثم قال الشافعي: وما قلت في الخلطاء معنى الحديث نفسه ثم هو قول عطاء وغيره, فاستأنس بقولهم قال: ويروى عن ابن جريج أنه قال: سألت عطاء عن الاثنين أو النفر كأنه شك في هذين اللفظين [61 ب/4] يكون لهم أربعون شاة, قال: عليهم شاة والشك من الشافعي ثم جاء الشافعي إلى بيان أو الحديث فقال: ومعنى قوله: لا يفرق بين مجتمع ولا بجمع بين مفترق خشية الصدقة لا يفرق بين ثلاثة خلطاء في عشرين ومائة شاة وإنما عليهم شاة واحدة, فغنها إذا افترقت تجب ثلاث شياه وليس للساعي أن يفرقهما خشية نقصان الصدقة بل يقررها على الخلطة ولا يجمع بين مفترق, رجل له مائة شاة وشاة ورجل له مائة شاة فإذا تركا متفرقتين فكليهما شاتان, وإذا جمعتا يلزم ثلاث شياه فليس للساعي أن يجمع لتكثر الصدقة, ولا لرب المال أن يفرق لتفك الصدقة, ثم قال: فالخشية خشيتان خشية الساعي أن تقل الصدقة وخشية رب المال أن يكثر الصدقة فأمر أن يقر كل على حاله وعلى هذا لو كانت منهما أربعون شاة مشتركة فرب المال لا يفرقها حتى تسقط الصدفة, وإذا كانت مائتان وشاة مشتركة فليس له أن يفرقها حتى تجب شاتاتن وهذا كثير فإن فعل فبعد الحول لا يؤثر وقبل الحول إن قصد به نقص الزكاة فيكره, وإن لم يقصد نقصها فلا يكره.
مسألة: قال: ولو وَجَبتْ عليهِمَا شاةٌ وعدَّتُهُما سواءٌ, فظَلَمَ السَّاعي فأَخَذَ منْ غَنَمِ إحداهما عنْ [62 أ/4] غَنَمِهِ وعنْ غَنَمِ الآخرِ شَاةُ رَبِّي.
الصفحة 58
576