كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
مسألة: قال (¬1): وإن تَسَلَّفَ الوالي لَهُمْ فهَلَكَ منهُ قَبْلَ دفعِهِ إليهِمْ وقد فَرَّطَ أو لمْ يُفَرَّطْ فهُوَ ضَامِنٌ.
وهذا كما قال: إذا استقرض الوالي للمساكين من لا يلزمه أو استعجل لهم قبل الحلول ممن يلزمه الزكاة بالحول لا يخلو من أربعة أحوال، أحدها: أن يكون من غير مسألة رب المال وغير مسألة أهل السهمان، ولكنه رأى بأهل السهمان حاجة وفاقة فلا يخلو إما أن يتلف في يده أو يدفعها إليهم فإن تلفت في يده فهي من ضمانه يلزمه في خاص ماله ويستقر عليه [79 أ/4] الضمان ولا يرجع الإمام به على المساكين فرّط أو لم يفرّط فيه لأن المساكين هم أهل رشد لا يولى عليهم فلا يجوز أن يتعجل لهم حقهم برأيه إلا بشرط السلامة والضمان، وليس لولي اليتيم إذا استقرض له عند علمه بحاجته فهلك في يده من غير تفريط فلا ضمان لأنه مولى عليه ولهذا يتصرف فيه له ولا يتصرف الإمام في مال الزكاة للمساكين من غير ضرورة، ومن أصحابنا من أهل خراسان من قال: فيه وجه آخر: أنه لا يضمن لأن حاجاتهم كمسألتهم من الإمام ذلك وليس بشيء، وإن دفعها إليهم فإن حال الحول ولم يتغير الحال فقد وقعت الزكاة موقعها وإن حال الحول وقد تغير حال الدافع أو المدفوع إليه، رجع رب المال على الإمام ورجع الإمام على المساكين، وقال أبو حنيفة: الضمان على المساكين فقط وهذا غلط به ما كان له أن يحل لهم حقهم برأيه.
فرع
لو رأى الإمام بأطفال المساكين حاجة إلى التعجيل وكانوا يتامى فاستسلف لهم فتلف في يده من غير تفريط ففيه وجهان، إحداهما: وبه قال أبو إسحاق: ليس له ذلك فإن فعل كان ضامنًا لأن لهم حقًا في خمس الخمس وسهمًا فيه يستغنون به غن غيره، [79 ب/4] والثاني: وبه قال ابن أبي هريرة: له ذلك ولا ضمان عليه لأنهم ممن يستحقون الزكاة عند وجوبها وهم في ولايته والحالة الثانية: أن يكون ذلك التسلف بمسألة أهل السهمان دون رب المال، فتغيرت حالهم أو حاله فإن بلغها من ضمان المساكين سواًء تلف في يد الإمام أو في أيديهم لأنه وكيلهم ولكن رب المال يطالب الإمام لأنه هو الآخذ منهم حتى يطالب الإمام المساكين، وقال القفال: إذا علم المالك أنه أخذ بمسألة المساكين لا يطالب الإمام بحال بخلاف الوكيل يطالبه التابع بالثمن، لأنه طريقه والتزم ذلك بالعقد بخلاف الإمام وهذا أقيس، والحالة الثالثة: أن يكون ذلك بمسألة أرباب الأموال دون المساكين، فالإمام وكيل أرباب الأموال دونهم فإن تلفت في يده فهي من ضمان رب المال، فإن تلفت في أيديهم رجع عليهم ولا يرجع على الإمام لأنه لا ضمان على الوكيل، والحالة الرابعة: أن يكون بمسألتهما جميعًا على الإمام لأنه لا ضمان على الوكيل، والحالة الرابعة: أن يكون بمسألتهما جميعًا فأيهما تغلب فيه وجهان، إحداهما: تغلّب جنبة رب المال لأن جانبه ..... (¬2) لأنه
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 213).
(¬2) موضع النقط بياض بالأصل.
الصفحة 74
576