كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

يسترجعها، لأنه متهم في قوله: إني كنت عجلتها ويجوز أن يكون قد أدى واجبًا عليه أو تطوع به ويفارق الإمام، فإن له أن يسترجع، وإن لم يقل ذلك لأنه وليهم ثابت الولاية عليهم ولا يتهم في بابهم، فإن قيل: [83 أ/4] أليس إذا دفع إلى رجل مالًا ثم اختلفا؟ فقال الدافع أقرضتك وعليك مثله، وقال المدفوع إليه: وهبته فالقول قول الدافع فقولوا مثله ها هنا قلنا: الفرق أن قوله هذه زكاتي وصدقتي الظاهر منه زكاة الدافع فقولوا مثله ها هنا قلنا: الفرق أن قوله هذه زكاتي وصدقتي الظاهر منه زكاة واجبة في الحال أو صدقة واجبة أو صدقة تطوع، فإنما ادعى أنه عجلها لم يقبل وليس كذلك إذا دفع إليه مالًا وقال: تصرف فيه فإنه لا ظاهر يدل على أنه هبة فرجعنا إلى قول الدافع في ذلك ولا يعتبر أن يشترط الرجوع بل يكفي أن يذكر التعجيل، لأن حكم التعجيل الرجوع عند تلف ماله، ولو لم يذكر التعجيل ولكن صدقه الفقير أنه كان تعجيلًا فله الاسترجاع أيضًا، فإن لم يصدقه وقال: لا أعلم ذلك فالقول قوله إن كان حيًّا وقول وارثه إن كان ميتًا وهل عليه اليمين أنها واجبة عليه فهو مكذب لنفسه فيه الآن فلا يجب عرض اليمين لأجل. والثاني: وبه قال أبو يحي البلخي: يلزمه اليمين لأن الدعوى محتملة وما في يده مدع فافتقر دفع الدعوى إلى يمين فعلى هذا يحلف هو أو رارثه على نفي العلم ولو اختلفا في الشرط فقال رب المال: شرطتُ التعجيل فلي الرجوع [83 ب/4] فأنكر الفقير الشرط فيه وجهان، إحداهما: القول قول رب المال مع يمينه وله الرجوع لأنه على أصل ملكه لم يقر بما يزيله عنه والمدفوع إليه هو مقر له بالملك مدع لما يزيله، والثاني: القول قول الفقير مع يمينه على البت وجهًا واحدًا: لأنه ملك الأخذ وادعى عليه الاستحقاق فكان على أصل تملكه ما لم يُقم بينة، ومن أصحابنا من أهل خراسان من ذكر فيه طريقة أخرى فقال: نص في "الأم" أنه يسترجع ونص في رب المال أنه لا يسترجع، وعلق القول فيه في حرملة ولم يفصل بين الإمام ورب المال ففيه ثلاث طرق، إحداها: كلتا المسألتين على قولين، والثانية: الفرق على ما ذكرنا، والثالثة هما على حالين فحيث قال في "الأم": يسترجع هو إذا أعلم المسكين أنها صدقة مفروضة وهذا الحكم لو أعلم رب المال وحيث قال: ليس لرب المال الاسترجاع أراد إذا لم يعلمه ذلك وهكذا الإمام قال هذا القائل وهذه الطريقة هي أصح والأمر عندي على ما تقدم، ذكره وهذا كله غير صحيح.
فرع
لو عجل خمسة دراهم عن مائتي درهم فلما قرب الحول أتلف درهمًا منها لم تلزمه الزكاة، وهل له أن يسترجع ما عجله فإن لم يكن شرط التعجيل لم يكن له استرجاعه [84 أ/4] وإن كان شرط الاسترجاع فقد خرّج أبو سعيد الإصطخري فيه وجهين، إحداهما: له أن يسترجع كما لو تلف بنفسه لأن الزكاة سقطت عنه في الحالتين، والثاني: ليس له ذلك لأنه متهم في إتلاف درهم لاسترجاع خمسة.

الصفحة 78