كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)

وجوزتم هاهنا نقل الصدقة عن بلد المال، قيل: الشافعي ذكر هذا على القول الذي جوّز نقل الصدقة أو إذا كانت [89 ب/4] المسافة قريبة أو لم يكن في بلده أهل السهمان.
فرع
لو قال: إن كان مالي الغائب سالمًا فهذه زكاته، وإن لم يكن سالمًا فهذه زكاة مالي الحاضر يجوز لأنه قطع نية الفرض وإنما رتب المال فلم يمنع ذلك جوازها، ولو قال: هذه زكاة مالي الغائب إن كان سالمًا ولم يزد عليه فكان ماله تالفًا فأراد أن يصرفها إلى الحاضر لم يجز، لأنه عينها في مال بعينه فلا يجوز أن يصرفها إلى غيره، وقال في "الشامل": يحتمل أن يجوز لأنها لم تصر زكاة بعد.
فرع آخر
لو أخرج خمسة ونوى بكلها الزكاة والتطوع لم يجزه عن الزكاة وكانت تطوعًا وبه قال محمد، وقال أبو يوسف: يجزيه عن الزكاة وهذا غلط، لأنه يشرك بين النفل والفرض.
فرع
لو لم يعلم أن ماله الغائب ذهب أو ورق أو ماشية فأخرج خمسة دراهم أو نصف دينار أو شاة على الظن لم يجز، وإن أخرج جميع ذلك ونوى به الزكاة جاز، وإن لم يعين.
فرع آخر
لو كانت له مائتا درهم وعرض للتجارة بمائتي درهم فأخرج خمسة ونوى فرض الزكاة ولم يعين إحدى المائتين يجوز، وكذلك لو قال: هي عن الدراهم فإن كانت تالفة فعن الفرض فإنه يجوز، وإن قال هي عن [90 أ/4] إحداهما ثم عين بعد ذلك بقلبه أو لم يعين يجوز وهذا لأنه لا يحتاج إلى تعيين النية كالكفارة سواء.
مسألة: قال (¬1): ولو أخرَجَها وهيَ خمسةُ دراهم لتقسيمها فهَلَكَ مالُهُ - يعني المخرج منه قبل إمكان الأداء - كانَ لهُ حبسُ الدَّراهم.
وهذا على القول الذي يقول إمكان الأداء هو من شرائط الوجوب وقد تقدمت هذه المسألة، وكذلك ما ذكر بعد هذه المسألة إذا تلفت هذه الخمسة بقي أصل المال ولو أخرجها إلى الوالي ثم بان له أن المال كان هالكًا ليس له الرجوع إلا أن يكون باقيًا عنده لم يصرفها إلى أهل السهمان فيستردها منه أو يصرفها في زكاة مال سواه.
مسألة: قال (¬2): وإذا أخذَ الوالي منْ رجلٍ زكاةَ بلا نيةٍ في دفعها إليه أجزأت عنه.
وهذا كما قال: إذا أراد إخراج الزكاة فلا يخلو من ثلاثة أحوال، إما أن يليها بنفسه أو يدفعها إلى وكيله أو إلى الساعي فإن وليها بنفسه فقد ذكرنا النية، وإن دفعها إلى وكيلة فإن نويا معًا رب المال عند الدفع والوكيل عند الإيصال أجزأه، وإن لم ينو واحد منهما لم يجز، وإن نوى الوكيل دون الموكل لم يجز، وإن نوى الموكل دون
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 216).
(¬2) انظر الأم (1/ 216).

الصفحة 84