كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 3)
الشافعي النكتة المفرقة بين السائمة والمعلوفة فقال (¬1): والسائمة الراعية [94 أ/4] وذلك أن يجتمع فيها أمران إن لا يكون لها مؤنة في العلف ويكون لها نماء الرعي فتجتمع قلة المؤنة وكثرة النما لأنهما سببًا وجوب الزكاة التي هي مواساة، وإذا علفت فالعلف مؤنة يحيط بفضلها، وقال في "المختصر الكبير": يحيط بكلها أو بعضها أي: العلف ربما يحيط بجميع نمائها وربما يحيط ببعض نمائها فيخرج به عن احتمال المواساة ثم رجح ذلك بقوله، وقد كانت النواضح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفائه فلم أعلم أحدًا روى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منها صدقة ولا أحذًا من خلفائه ثم في آخر الباب رجع إلى الرد على مالك أيضًا فقال: من مذهب مالك أنه لا زكاة في الذهب والورق إذا كانت مصوغة عن جهة النماء مع قوله صلى الله عليه وسلم في الرقة ربع العشر (¬2)، فجاز أن لا يلزم الزكاة في المعلوفة مع قوله صلى الله عليه وسلم في أربعين شاة، وفي خمس من الإبل شاة (¬3). إذ لا فرق بينهما، وأما قول داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الإبل السائمة: "في كل أربعين بنت لبون" (¬4).
مسألة: قال (¬5): وإن كانتِ العَوَامِلُ تَرعَى مُدَّةً وتَترُك أُخرى.
الفصل
وهذا كما قال: الكلام الآن في [94 ب/4] العلف الذي يسقط به حكم السوم وينقطع به حكم الحول اختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق: إذا علف اليوم واليومين لا يسقط الزكاة فاعتبر العلف في مدة لو لم يعلف فيها لتلفت وذلك ثلاثة أيام فأكثر، ومن أصحابنا من قال: قليل الزمان وكثيره فيه سواء قصد المالك أو علفه الغير ليلة من غير علمه لظاهر قول الشافعي، وهذا لأن السوم شرط في وجوب الزكاة فإذا عدم في قليل المدة أو كثيرها سقط حكم الحول كالنصاب والأول هو المذهب الصحيح، ومن أصحابنا من قال: إذا علفها دفعنة ونوى القطع انقطع الحول نص عليه في الأم، وقد قال: في موضع آخر: لا زكاة حتى يسميها دهرها وهذا لأن النية قارنت الفعل المسقط للزكاة فسقطت، وإن قل الفعل ذكره القاضي أبو علي البندنيجي وهذا غريب، ومن أصحابنا بخراسان من قال: ينظر إلى أكثر الحول فإن علف في أكثر الحول سقطت وإلا فلا، وهذا ليس بشيء ويحكى هذا عن أبي حنيفة.
فرع
لو كان الرعي يكفيها ولكنه يعلفها أيضًا لا يتغير حكمها به، وإن كان الرعي لا
¬__________
(¬1) انظر الأم (1/ 217).
(¬2) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (7518).
(¬3) أخرجه البخاري (1454)، وأبو داود (2/ 98)، والدارقطني (2/ 16)، والحاكم (1/ 393).
(¬4) أخرجه أحمد (5/ 2، 4)، والنسائي (5/ 15)، وابن خزيمة (2266)، والحاكم (4/ 389)، والبيهقي في "الكبرى" (7390).
(¬5) انظر الأم (1/ 218).
الصفحة 88
576