كتاب غريب الحديث للخطابي (اسم الجزء: 3)

ليعمل السيئة، إن عمل حسنة قط أنفع له منها، وإنه ليعمل الحسنة، إن عمل سيئة قط أضر عليه منها"1.
قال ابن الأعرابي: معناه أن يعمل الذنب، فلا يزال منه مشفقًا وَجِلًا أن يعاوده, فينفعه ذلك، ويعمل الحسنة, فيحتسب بها على ربه، ويعجب بها وينسى فضل الله عليه فيها, فتهلكه.
قال أبو سليمان: وفي قول إبراهيم وجه آخر: وهو إنما حمدها له؛ لئلا يؤتى من ناحية الغفلة, فيقع في الشر وهو لا يعلم.
وهذا كما يروى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أو غيره، وقيل له: إن فلانا لا يعرف الشر، قال: "أحرى أن يقع فيه".
وفي نحو منه قول سفيان الثوري: "من لم يتفتَّ لم يحسن أن يتقرأ"2.
حدثنيه أحمد بن عبدوس، أخبرنا محمد بن عبد الأحد، أخبرنا أبو هشام الرفاعي، أخبرنا يحيى بن يمان، عن سفيان.
__________
1 أخرجه ابن المبارك في: الزهد: 53, وأبو نعيم في: الحلية: 242/ 3.
2 أخرجه أبو نعيم في: الحلية: 51/ 7, بلفظه- والتفتي من الفتوة، وهو عمل الفتيان، ويتقرأ أي: يتنسك.
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ إبراهيم: "في قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} 1, قال: كان مُتَدَثِّرًا في قَرْطَفٍ"2.
__________
1 سورة المدثر: 1.
2 أخرجه الطبرى في تفسير الآية بلفظ: "كان متدثراً في قطيفة", عن شعبة, عن المغيرة، عن إبراهيم، والسيوطي في: الدر المنثور: 281/ 6, بلفظ: "في قطيف" يعني شملة صغيرة الخمل، وعزاه لسعيد بن منصور, وعبد بن حميد, وابن المنذر, وفي الفائق: "قرطف": 187/ 3.

الصفحة 125