كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 3)

فلما دخلت، كلّمني بالعربيّة، بلسان طلق ذلق، وقال: كيف أنت من قشف «1» بلادنا؟
فشكرت إنعامه، وقرّظت بلاده، وذكرت له أنّي في ريف «2» من تفقّده، وبرّه.
فباسطني، وطاولني «3» ، واستطاب حديثي، وأفضت معه في فنون من الأمور، حتى تكامل انبساطه إليّ.
وتأمّلت أمره كله، فإذا رجل عراقيّ، متأدّب.
فسقاني من شراب بين يديه [87] ، أصفر، في قدح، في صينيّة، وقال: اشرب هذا، وقل لي، هل عندكم مثله؟
فقبّلت يده، وقبّلت القدح، وشربته، وقلت: هذا، في نهاية الطيب والحسن والجودة.
فقال: أصدقني، هل عندكم مثله؟
فوصفت له الشراب القطربّلي، وذكرت منافعه، وفضائله، وطيبه، وزدت في الوصف، وبسطته، فرأيت في عينه، استبعادا لقولي.
فقلت له: إنّي كنت استصحبت منه شيئا في طريقي، وقد فضل منه فضلة، لا أرضاها لحضرة الملك، ولكن إن أمر بإحضارها، ليعتبر بها صحّة ما ذكرته له، أحضرتها.
فقال: افعل.

الصفحة 107