كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 3)

وطرحت عليه جميع من كان يتجاسر على خطابه في مثل هذا، فردّهم.
قال: وكان لجوجا، إذا منع من الأوّل، شيئا يلتمس منه، أقام على المنع.
قال: ولم يبق في نفسي، من يجوز أن أطرحه عليه، وأقدّر انّه يجيبه، إلّا امرأته الكرديّة، والدة أبي تغلب «1» .
قال: فقصدتها، وخاطبتها في حاجتي، وسألتها مسألته.
فقالت: أنت تعلم خلقه، وقد ردّك، وإن سألته عقيب ذلك، ردّني أيضا، فأخرق جاهي عنده، ولم يقض [16] الحاجة، ولكن أقم أيّاما، حتى أظفر منه، في خلال ذلك، بنشاط، أو سبب أجعله طريقا للكلام، والمشورة عليه، والمسألة له.
قال: فعلمت صحّة قولها، فأقمت.
قال: فإنّي جالس بحضرته يوما، إذ جاءه برّاج «2» ، بكتاب طائر، عرّفه سقوطه من بغداد.
فلما قرأه، اسودّ وجهه واسترجع، وأظهر قلقا وغمّا، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، يا قوم، المتعجرف، الأحمق، الجاهل، المبذّر، السخيف الرأي، الرديء التدبير، الفقير، القليل الجيش، يقتل الحازم، المرتفق، العاقل، الوثيق الرأي، الضابط، الجيّد التدبير، الغنيّ، الكثير الجيش؟ إنّ هذا لأمر عجيب.
قال: فقلت له: يا سيّدي ما الخبر؟
فرمى بالكتاب إليّ، وقال: قف عليه.

الصفحة 22