كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 3)

فإذا هو كتاب خليفته ببغداد، بتاريخ يومه «1» ، يقول: في هذه الساعة، تناصرت الأخبار، وصحّت بقتل أبي عبد الله البريدي «2» ، أخاه أبا يوسف واستيلائه على البصرة.
قال: فلما قرأت ذلك، مع ما سمعته من كلامه [17] ، متّ جزعا وفزعا، ولم أشكّ أنّه يعتقدني كأبي عبد الله البريديّ، في الأخلاق التي وصفه بها، ويعتقد في نفسه أنّه كأبي يوسف، وقد جئته في أمر جيش ومال، ولم أشكّ أنّ ذلك سيولّد له أمرا في القبض عليّ، وحبسي، فأخذت أداريه، وأسكّن منه، وأطعن على أبي عبد الله البريديّ، وأزيد في الاستقباح لفعله، وتعجيز رأيه، إلى أن انقطع الكلام.
ثم أظهرت له، إنّه قد ظهرت الحمّى التي تجيئني، وإنّه وقتها، وقد جاءت، فقمت، فقال: يا غلمان، بين يديه.
فركبت دابّتي، وحرّكت إلى معسكري، وقد كنت منذ وردت، وعسكري ظاهر البلد، ولم أنزل دارا.
قال: فحين دخلت إلى معسكري، وكان بالدير الأعلى «3» ، لم أنزل، وقلت لغلماني: ارحلوا، الساعة، الساعة، ولا تضربوا بوقا، واتبعوني.
وحرّكت وحدي، فلحقني نفر من غلماني، وكنت أركض على وجهي، خوفا من مبادرة ناصر الدولة إليّ بمكروه [18] .

الصفحة 23