كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 3)

قال: فلقيه، فقال له: يا أبا الحسن، بلغني انّك تأخذ من السلطان رزقا في الفقه.
قال: نعم.
قال: ومثلك في علمك، ودينك، يفعل هذا؟
فقال له أبو الحسن: أو ليس قد أخذ الحسن البصري «1» ، رضي الله عنه، في زمنه، وفلان، وفلان، فعدّد خلقا من الصالحين والفقهاء، ممن أخذ من بني أميّة.
فقال له أبو زهير: ذهاب هذا عليك أطرف، بنو أميّة، كانت مصائبهم في أديانهم، وجبايتهم الأموال سليمة، لم يظلموا في العشر، ولا في الخراج، وكان الفقهاء يأخذون من الأموال مع سلامتها، وهؤلاء «2» ، مع سلامة أديانهم، أموالهم فاسدة، وجباياتهم بالظلم والغش.
فسكت أبو الحسن، فلما كان وقت قبض جائزته، لم يطالب بها، وتركها، ولم يقبض شيئا من الجاري، إلى [41] أن مات.
قال لي عبد الله بن داسه: أن [أبا] زهير هذا، هو أستاذ أبي محمد ابن عبدل، الذي علّمه الفقه على مذاهب أصحابنا «3» .
وكان أبو محمد بن عبدل، أستاذنا نحن في الفقه، وقد درست عليه، وشاهدته الطويل العريض، وما سمعت منه هذه الحكاية.

الصفحة 53