والسادس: أن كل عبد يسأل إلا أن السؤال يختلف؛ فتارة يكون سؤال تثريب وعقوبة، وتارة يكون سؤال تمحيص لما بقي عليه من خطيئة ونحوها، وتارة يكون سؤال امتنان ليعترف العبد (¬1).
قلت: هذا القول هو الصحيح.
ثم أعتقد أن من عباد الله تعالى من لا يسأل عن شيء بالكلية فضلاً من الله تعالى وعفواً؛ إذ لا يلزم من قوله: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] أن يسأل كل الناس، ولا أن يسأل العبد عن كل شيء؛ بل يكفي في صدق هذه العبارة أن يسأل المعظم عن المعظم؛ والله سبحانه وتعالى أعلم!
* فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَأَرْبعونَ:
روى الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " عن محمود بن خالد قال: قلت لأبي حفص عمر [و] بن أبي سلمة: تحب أن تحدث؟
قال: ومن يحب أن يسقط اسمه من الصالحين (¬2)؟
وعن أبي بكر بن أبي مريم قال: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه إلى والي حمص: مُرْ لأهل الصلاح من بيت المال ما يغنيهم لئلا يشغلهم شيء عن تلاوة القرآن وما حملوا من الأحاديث (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: " تفسير القرطبي " (20/ 177).
(¬2) رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص: 51).
(¬3) رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (ص: 64).