كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

وسمعته يقول: لا يستقيم طلب الآخرة إلا بالمبادرة إليها.
وسمعته يقول: إنما تنتظرون ثلاثة، فما يحبسكم عن العمل؟ إما نعمة تزول، وإما مصيبة تنزل، وإما مَنِية تقضى (¬1).
وروى أبو نعيم عن محمد بن بشير الدعاء قال: ذكر عند مخلد بن الحسين رحمه الله تعالى من أخلاق الصالحين، فقال: [من الكامل]
لا تعرِضَنَّ بِذِكرِنا فِي ذِكْرِهِم ... لَيسَ الصَّحِيحُ إِذا مَشى كَالْمُقْعَدِ (¬2) ويحتمل أن يكون قول مالك بن دينار: إذا ذكر الصالحون فأف لي وتف، وقول أيوب وغيره: إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل، وأمثال ذلك؛ أن يكون من باب الإزراء على النفس، كقول بعض المجتهدين في العبادة عند فراغه منها لنفسه: يا حاويَ كل سوء! ما رضيتك له طرفة عين.
وهذا خلق عظيم من أخلاق الصالحين.
ومن هذا القبيل قول إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82].
وقول يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ
¬__________
(¬1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: 58).
(¬2) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/ 266).

الصفحة 20