كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

قال: فإن هذا لم يشغله شيء عن عبادتي (¬1).
قلت: وفي قوله في يوسف: لم يشغله شيء عن عبادتي، ولم يقل: لم تشغله العبودية إشارةٌ لطيفة؛ فإن يوسف ابتلي بالضراء، فألقي في الجُبِّ، واستُرِقَّ، وبيع بثمن بخس، وامتحن بامرأة العزيز، وبالنسوة، وبالتهمة، وبالسجن سنين، ثم ابتلي بالسراء، فاحتاج إليه الملك في تأويل الرؤيا، وطُلب إليها فتعزز حتى استنصف، ثم ملك خزائن الأرض، ثم تزوج امرأة العزيز، ثم جمع بينه وبين أبيه وإخوته، فلم يمنعه شيء من ذلك من عبادة ربه.
ثم إن للأثر (¬2) عن مجاهد حكم المرفوع؛ لأن مثل ذلك لا يقال رأياً.
وقد رواه الإمام أحمد في "الزهد" مفرقاً، ولفظه: "يُجاءُ يَومَ القِيامَةِ بِثَلاثَةٍ: الغَنِيِّ وَالْمَمْلُوكِ وَالْمَرِيضِ، فَيُؤْتَى بِالغَنِيِّ فَيَقولُ: ما مَنَعَكَ أَنْ تَكونَ عَبداً تَقِيًّا؟ فَيَقولُ: رَبِّ! كَثَّرْتَ لِي مِنَ الْمالِ، فَيَذْكُرُ ما ابْتُلِيَ بِهِ. قالَ: فَيُجاءُ بِسُلَيمانَ بْنِ داوُدَ عَلَيْهِما السَّلامُ فِي مُلْكِهِ، فَيُقالُ: كُنتَ (¬3) أَغْنَى أَمْ هَذا؟
¬__________
(¬1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/ 288).
(¬2) في"أ" و"ت": "الأثر".
(¬3) في "أ": "كنت".

الصفحة 41