كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

تصيرين، قضيت عليكِ يوم خلقتكِ أن لا تدومي لأحد، وأن بخل بكِ صاحبكِ وشحَّ بك، طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا من ضميرهم، وعلى الصدق والاستغناء، طوبى لهم، ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إليَّ من قبورهم النور يسعى أمامهم، والملائكة حافُّون بهمُ، حتى أبلغهم ما يرجون من رحمتي (¬1).
وروى ابن عساكر في "تاريخهِ" عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى قال: قال المسيح عليه السلام: إنما تُطلَبُ الدنيا لتُبر؛ فتركك لها أبر (¬2).
وروى الدينوري عن خلف بن تميم قال: التقى إبراهيم بن أدهم وشقيق رحمهما الله بمكة، فقال إبراهيم لشقيق: ما بدء أمرك الذي بلَّغك هذإ؟ فقال: سرت في بعض الفلوات، فرأيت طيراً مكسور الجناحين في فَلاَة من الأرض، فقلت: انظروا من أين رُزِقَ هذا؟ فقعدتُ حذاءه، فإذا أنا بطائر قد أقبل في منقاره جرادة، فوضعها في منقار الطير المكسور الجناحين، فقلت لنفسي: يا نفسُ! الذي قيض هذا الطير الصحيح لهذا الطير المكسور الجناحين في فلاة من الأرض هو قادر على أن يرزقني حيث ما كنت، قال: فتركت التكسب، واشتغلتُ بالعبادة، فقال له إبراهيم: يا شقيق! ولم لا تكون الطير الصحيح الذي أطعم العليل حتى
¬__________
(¬1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: 201)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/ 158).
(¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (47/ 427).

الصفحة 453