كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب (الرقة والبكاء) عن أبي عمران الجوني رحمه الله قال: لكل أعمال البر جزاء، وفي كلها خير إلا الدمعة تخرج من عين العبد ليس لها قيل ولا وزن حتى تطفا منها بحار من النيران (¬1).
وروى أبو نعيم عن أبي عبد الله الساجي (¬2) رحمه الله قال: خصال لا يعبد الله بمثلها؛ لا تسأل إلا الله، ولا ترد شيئًا على الله، ولا تبخل بشيء على الله؛ فإنه من عرف الله، فقد بلغ الله.
قال: وقال سفيان الثوري رحمه الله: ليس من علامات الهدى شيء أبين من حبِّ لقاء الله، فإذا أحب العبد لقاء الله فقد تناهى في البر.
قال أبو نعيم في معنى قوله: ولا تبخل على الله: يعني: تمسك لله، وتعطي لله (¬3). انتهى.
وأما قوله: فإنه من عرف الله فقد بلغ الله؛ أي: وصل إليه؛ أراد أنَّ الوصول إلى الله في الدنيا هو الوصول إلى معرفتهِ سبحانه.
قلت: ولا شك أن نهاية البر في الدنيا معرفة الله، وفي الآخرة لقاؤه، وهما أطيب شيء في الدارين.
وروى ابن جهضم عن أبي الحسن عمرو بن عثمان الصَّدَفي قال:
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (42).
(¬2) في "م": "النباحي"، والمثبت من "حلية الأولياء" لأبي نعيم (9/ 313).
(¬3) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/ 313 - 314).

الصفحة 456